كتاب التقوى تعريفها وفضلها ومحذوراتها وقصص من أحوالها

النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة: 24]، وقال: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لا تَجْزِي نَفْسُ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: 48]، وقال: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: 131].
وأخبرنا ربنا - عز وجل - أنه أعدَّ للمتقين جنات النعيم، فقال: {لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ} [الزمر: 20]. وقال: {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [آل عمران 15] وقال: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر 73].
فلولا أن الله تعالى يعلم أن ما أطال به الحديث عن الجنة والترغيب فيها، والحديث عن النار، والترهيب منها هو الذي يصلح عباده، لما حدثنا طويلاً عنهما.
الثاني: أن الرسل - صلى الله عليه وسلم - والرسل والأنبياء السابقين، وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن بعدهم كانوا جميعاً يطلبون الجنة، ويخافون النار، فقد قال رب العزة محدثاً عن الأنبياء السابقين {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
وعندما قال أحد الصحابة للرسول - صلى الله عليه وسلم -: والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، ولكني أتشهد ثم أقول: «اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار» قال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «حولها ندندن» [مسند الإمام أحمد، 15898].
فهؤلاء اختطوا طريقاً مخالفاً لطريق الرسل والأنبياء والمؤمنين، وما أسوأ أن يختط العبد طريقاً مخالفاً لطريق هؤلاء على مرّ التاريخ والأزمان وهؤلاء هم الفائزون السعداء الذين قال الله تعالى فيهم: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ

الصفحة 12