كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

عِياض رحمه الله إلى أنه لا يخرج لذلك خط تخريج لئلا يدخل اللبس ويحسب من الأصل، وأنه لا يخرج إلا لما هو من نفس الأصل لكن ربما جعل على الحرف المقصود بذلك التخريج علامة كالضبة أو التصحيح إيذانًا به (¬1).
قلت: التخريج أولى وأدل، وفي نفس هذا المخرج ما يمنع الإلباس، ثم هذا التخريج يخالف التخريج لما هو في نفس الأصل في أن خط ذلك التخريج يقع بين الكلمتين اللتين بينهما سقط الساقط، وخط هذا التخريج يقع على نفس الكلمة التي من أجلها خرج المخرج في الحاشية، والله اعلم.
الثاني عشر: من شأن الحذاق المتقنين العناية بالتصحيح والتضبيب والتمريض (¬2).
أما التصحيح: فهو كتابةُ (صح) على الكلام أو عنده، ولا يفعل ذلك إلا فيما صح رِواية ومعنى، غير أنه عرضة للشك أو الخلاف فيكتب عليه (صح)
¬_________
(¬1) «الِإلمَاع» ص: 146.
(¬2) انتقل المصنف إلى التعريف ببعض ما يلزم من المقابلة ومن ذلك التصحيح.
والتصحيح يطلق في المخطوطات على نوعين:
النوع الأول: تفعيل من الصحة التي هي ضد السقم، ويكون المعنى على ذلك إزالة السقم من السقيم حتى يكون صحيحًا، ويتأتى ذلك بأن يكتب المصحح على الكلمة المراد تصويبها أو بجانبها في الهامش: صوابه كذا أو لعله كذا.
النوع الثاني: وهو ما ذكره هنا ابن الصلاح وهو تثبيت الصحيح وأشهر من فعل ذلك اليونيني في نسخته.
ويعد تصحيح المرويات من أشق الأعمال، ولقد وضح ذلك الجاحظ في كتابه «الحيوان» (1/ 79) بقوله: ولربما أراد مؤلف كتاب أن يصلح تصحيفًا أو كلمة ساقطة، فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص حتى يرده إلى موضعه من اتصال الكلام، فكيف يطيق ذلك المعارض المستأجر والحكيم نفسه قد أعجزه هذا الباب. اهـ.

الصفحة 100