كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

ليعرف أنه لم يغفُل عنه، وأنه قد ضبط وصح على ذلك الوجه.
وأما التضبيب ويسمى أيضًا التمريض، فيجعل على ما صح وروده كذلك من جهة النقل، غير أنه فاسدٌ لفظًا أو معنًى أو ضعيفٌ أو ناقصٌ، مثل أن يكون غير جائز من حيث العربية، أو يكون شاذًّا عند أهلها يأباه أكثرهم، أو مصحفًا أو ينقص من جملة الكلام كلمة أو أكثر، وما أشبه ذلك، فيمد على ما هذا سبيله خط أوله مثل الصاد، ولا يلزق بالكلمة المعلم عليها كيلا يظن ضربًا، وكأنه صاد التصحيح بمدتها دون حائها كتبت كذلك؛ ليفرق بين ما صح مطلقا من جهة الرِّواية وغيرها، وبين ما صح من جهة الرِّواية دون غيرها فلم يكمل عليه التصحيح.
وكتابة حرف ناقص على حرف ناقص إشعارًا بنقصه ومرضه مع صحة نقله وروايته، وتنبيهًا بذلك لمن ينظر في كتابه على أنه قد وقف عليه ونقله على ما هو عليه، ولعل غيره قد يخرج له وجها صحيحًا، أو يظهر له بعد ذلك في صحته ما لم يظهر له الآن (¬1).
ولو غير ذلك وأصلحه على ما عنده لكان متعرضًا لما وقع فيه غير واحد من المتجاسرين الذين غيروا وظهر الصواب فيما أنكروه والفساد فيما أصلحوه.
وأما تسمية ذلك ضبة، فقد بلغنا عن أبي القاسم إبراهيم بن محمد اللغوي المعروف بابن الإفليلي: أن ذلك لكون الحرف مقفلًا بها لا يتجه لقراءة، كما أن الضبة مقفل بها (¬2). والله أعلم.
قلت: ولأنها لما كانت على كلام فيه خلل أشبهت الضبة التي تجعل على كسر أو خلل فاستعير لها اسمها، ومثل ذلك غير مستنكر في باب
¬_________
(¬1) «الِإلمَاع» ص: 147 - 148
(¬2) أخرجه القاضي عياض في «الِإلمَاع» ص: 148.

الصفحة 101