كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

الحك تهمة (¬1).
وأخبرني من أُخبِرَ عن القاضي عِياض قال: سمعت شيخنا أبا بَحْرٍ سفيان بن العاصي الأسدي يحكي عن بعض شيوخه أنه كان يقول: كان الشيوخ يكرهون حضور السكين مجلس السماع حتى لا يُبَشرُ شيء، لأن ما يبشر منه ربما يصح في رِواية أخرى، وقد يُسمَعُ الكتاب مرة أخرى على شيخ آخر، يكون ما بشر وحك من رِواية هذا صحيحًا في رِواية الآخر، فيحتاج إلى إلحاقه بعد أن بُشر وحُكّ وهو إذا خط عليه من رِواية الأول، وصح عند الآخر اكتفي بعلامة الآخر، عليه بصحته.
ثم إنهم اختلفوا في كيفية الضرب:
فروينا عن أبي محمد بن خلاد قال: أجود الضرب أن لا يطمس المضروب عليه، بل يخط من فوقه خطًّا جيدًا بينًا، يدل على إبطاله، ويقرأ من تحته ما خُطَّ عليه (¬2).
وروينا عن القاضي عِياض ما معناه: أن اختيارات الضابطين اختلفت في الضرب، فأكثرهم على مد الخط على المضروب عليه مختلطًا بالكلمات المضروب عليها، ويسمى ذلك (الشق) أيضًا (¬3)، ومنهم من لا يخلطه ويثبته
¬_________
(¬1) «المحدث الفاصل» ص: 606 فقرة 883، وأخرجه القاضي عياض في «الِإلمَاع» من طريقه ص: 150 باب في الضرب والحك والشق والمحو.
وهذا مما يدل على شدة الأمانة العلمية منهم حتى لا تتطرق إليهم التهمة، حتى ولو في كلمة دخيلة على النص.
(¬2) «المحدث الفاصل» ص: 606
(¬3) قَال العراقي في «التقييد والإيضاح» ص: 201: (الشق) بفتح الشين المعجمة وتشديد القاف، وهذا الاصطلاح لا يعرفه أهل المشرق، ولم يذكره الخطيب في «الجامع» ولا في «الكفاية» وهو اصطلاح لأهل المغرب، وذكره القاضي عياض في «الِإلمَاع» ومنه أخذ المصنف، وكأنه مأخوذ من الشق، وهو الصدع، أو من شق العصا وهو التفريق، فكأنه فرق بين الكلمة الزائدة وبين ما قبلها وبعدها من الصحيح الثابت بالضرب عليها والله أعلم. اهـ.

الصفحة 103