كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

له، تكفل الله بحفظ كتابه، وانتشاره، وبقائه، وازدهاره، واعتناء الأمة به اعتناءً لا مزيد عليه.
ومن جوانب العناية بهذا الكتاب روايته عن مؤلفه وإقبال آلاف العلماء من الأقطار المتباعدة لسماعه منه، ثم روايتهم له والحفاظ عليه حتى أيامنا هذه عبر حلقات من الرُّواة، بحيث لا يتطرق الشك إلى نسبة الكتاب إلى مؤلفه.

ولقد كثر الرُّواة لهذا «الصحيح» في عهد مؤلفه، كثرةً لا يعلم عددها إلا الله تعالى.
وتميز من هؤلاء الرُّواة رواة انتسخوا لأنفسهم نسخًا من «الصحيح»، وأَولَوها عنايتهم من الدقه في النقل والمعارضة والسماع والضبط والتقييد؛ حتى اشتهرت بعض الروايات، وعن هذه الروايات أخذت في الطبقة التي تليهم نسخًا أخرى وهكذا.
ومع كثرة المشتغلين برواية «الجامع الصحيح» عبر العصور المختلفة، وتعرض الإنسان للنقص البشري الذي لا يصل به إلى حد الكمال، فقد تعددت الروايات؛ نظرًا لكثرة الرُّواة لهذا الكتاب، واعتراها ما جبل عليه الإنسان من النقص والتعرض للزلل، ووجود بعض الهفوات، وذلك نتيجة لأسباب كثيرة قد تعرضت لها بالتفصيل في هذه الرسالة.
لكن من تمام الحفظ لهذا الكتاب أن قيض له في كل عصر من العصور وزمن من الأزمان من يجمع شتات هذه الاختلافات، ويحررها، ويقارن بينها حتى يصل إلى وجه الصواب فيها؛ ولذا قد اشتهرت بعض النسخ في كل زمان، وشهرة هذه النسخ لجلالة قدر أصحابها، وعنايتهم بالصحيح فيها، ومدارستها، والمقارنة بينها، ووجود هذه الاختلافات، والاحتفاظ بها إلى زماننا هذا لهو من أكبر الأدلة على خدمة هذا الكتاب وصحة نصوصه

الصفحة 21