كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

وتواترها إلى مؤلفه.
فكم من الكتب التي لا يعتنى بها، وإذا حاولت الوصول إلى نصها من خلال الوقوف على نسخة لها أعياك ذلك؛ وذلك لأن عوامل الزمان كفيلة بالقضاء على أهم الكنوز العلمية والمؤلفات الجامعة. وإنك لا تكاد تجد إطباق الأمة في كل مكان وفي كل زمان على قبول كتاب مثلما توفر لكتاب البخاري هذا، فما يلقى القبول في مكان؛ تجده يقل قبولًا في مكان آخر، وكذا ما تجده محل عناية العلماء في زمن من الأزمان تجد هذا الاهتمام يقل في وقت آخر، ومن تأمل النتاج العلمي على مر القرون الأربعة عشر الماضية تبين له أن شهرة كثير من الكتب وعناية العلماء بها كان محصورًا في زمان معين أو حدود مكانية معينة.
ومن تتبع عناية العلماء بـ «صحيح البخاري» تظهر له خاصية عجيبة جدًّا، وهي تطور نوع الاهتمام بالكتاب بدءًا من حياة المصنف حتى وقتنا هذا.
ففي عصر البخاري تتمثل خدمة الكتاب في المناقشات والتعقبات التي كانت تدور بين البخاري وبين شيوخه وأقرانه للوصول إلى قبول كل ما في الكتاب من مرويات، مما أفرز نوعًا من التأليف خاصًّا بهذا الكتاب في عصر المصنف أو بعده بقليل مثل: «استدراكات الدارقطني وإلزاماته» ثم الاستدراك على الصحيح الذي من شأنه إظهار شروط المصنف إبراز ملامح عمله والثمرات المترتبة عليه.
وبجانب ذلك اهتم العلماء برواية الكتاب مما نتح عنه شهرة بعض النسخ، وطواف العلماء بها شرقًا وغربًا في جميع البلاد الإسلامية، حيث لم يقتصر العلماء على رواية الكتاب جملة واحدة والتحديث به فقط، وإنما تعدى ذلك إلى اقتباس بعض الأحاديث ووضعها في مؤلفات خاصة كما فعل الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو البزار (292) هـ في كتابه «البحر الزخار»

الصفحة 22