كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

البخاري» والتعرض لشرح بعض نصوصه.
ولقد كان للمحدثين القدامى السبق في بيان هذه الاختلافات والتوجيه بينها، وذلك في أثناء الشروح التي ألفت لشرح «الصحيح» كما سيأتي في هذه الرسالة كما ألفت بعض المباحث والأقسام في بعض الكتب التي اهتمت بهذا الجانب أيضًا، ولكن المكتبة الحديثية المعاصرة تفتقر إلى تناول بعض هذه القضايا من منظور آخر، وهو جمع شتات ما تفرق من هذه المباحث في المؤلفات الكبيرة مع التركيز على أسباب ذلك والنتائج التي ترتبت على ذلك، وذلك في إطار دراسة هذه الظاهرة من حيث أنها مظهر من مظاهر عناية الأمة بهذا الكتاب، مع إلقاء الضوء على هذه الروايات، والتعريف بأصحابها، ووصف هذه النسخ، ومحاولة الوقوف على مظان هذه الروايات والنسخ مع التركيز على أهم هذه الروايات من أجل الوصول إلى نص «الصحيح» كما وضعه مؤلفه رحمه الله تعالى.
وتناول هذه القضايا من هذا المنطلق منزلق خطير ينبغي الإعداد له جيدًا، والتزود بالإمكانيات المادية والعقلية التي تساعد على ذلك، وهو فوق طاقة فرد أو باحث، وإنما يحتاج إلى جهة بحثية لتبني مثل هذه الأمور.
وقد يكون هذا الأمر سببًا في عدم إقبال الكثير من الدارسين أو المعنيين بدراسة الحديث إلى الكتابة في هذا الموضوع؛ لأنه يحتاج إلى خبرة معينة في تاريخ النسخ والمخطوطات، وتتبع أماكن نوادر المخطوطات في مكتبات العالم، وإجادة تقييم هذه النسخ، ومعرفة قيمتها الزمنية، كما أنه يحتاج إلى عناية تامة بـ «صحيح البخاري» وذلك من خلال الوقوف على منهج البخاري في تأليف هذا الكتاب وطريقة التحديث به.
لذا حينما وقفت على بعض ما كتب في هذا الميدان وجدتها دراساتٍ نظريةً تفتقر إلى التطبيق العملي، مما يجعل الباحث يستمد معلوماته من أقوال

الصفحة 29