كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

مختلفان (¬1).
واختلاف الرُّواة أن يروي أحدهم أو بعضهم غير ما يروي باقي الرُّواة.
واختلافهم هذا قد يكون عن مصدر الحديث، وهو النبي - صلى الله عليه وسلم - فيقال: اختلف فيه الصحابة رضوان الله عليهم.
وقد يكون عن مدار الحديث بأن يكون في مَن فوق الصحابي، فيقال: اختلف فيه على فلان، أو اختلف فيه فلان وفلان عن الأعمش مثلًا.
وقد يكون الاختلاف عن المصدر ويكون هو سببَ الاختلاف، فهو يرويه مرة موصولًا مثلًا، ثم يرويه بعد ذلك مرسلة وغير ذلك.
وكما يكون الاختلاف على الراوي أو مصدر الحديث يكون الاختلاف على مصنف كتاب من الكتب الحديثية أو غيرها من الفنون، كما يكون الاختلاف عن إمام من الأئمة في الفتوى مثل الأئمة الأربعة أو غيرهم.
وقد يزاد الخلاف أكثر من ذلك فيأتي الاختلاف عن الرُّواة ثم عن الرُّواة عنهم إلى آخره.
ومما يجب ملاحظته هنا أن العلماء لم يعتبروا الاختلاف في الحديث أو الراوي قدحًا في الروايتين باطراد.
فمن الاختلاف ما لا يقدح في الصحة، ولا يؤثر في إعلال الحديث، حيث يكون الاختلاف في الألفاظ أو الأسانيد بما لا يحيل المعنى.
ومن تتبع إطلاق العلماء للفظ الاختلاف يجده يطلق أيضًا على ما ظاهره التعارض، ويزول بإمعان الفكر وإزالة الإشكال، ولذا تجد الإمام الشافعي يؤلف كتابه «اختلاف الحديث» وابن قتيبة الدينوري يؤلف كتابه «تأويل مختلف الحديث» وغيرهما من العلماء، ويذكرون جملة من الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض مع سلامتها في الأصل وصحتها.
¬_________
(¬1) «لسان العرب» 2/ 1240 مادة: خلف.

الصفحة 37