كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

البغدادي الحنبلي المعروف بابن نقطة (629) هـ كتابه «التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد» وألف الإمام محب الدين أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن رشيد الفهري السبتي الأندلسي (721) هـ كتاب «إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيح» كتبه ابن رشيد وترجم فيه لسلسلة رواة «صحيح البخاري» منه إليه وجعل كتابه سبع حلقات أو قرائن، هي الطبقات بينه وبين البخاري، مقتصرًا في كل طبقة على واحد أو أكثر الذين بهم يتصل إسناده، ويستقيم طريق روايته، وهو طريق أبي ذر الهروي وغير ذلك.
والكتاب مطبوع طبعته الدار التونسية للنشر بتحقيق الشيخ الدكتور / محمد الحبيب ابن الخوجة.
ومن الملاحظ على كل هذه الدراسات التي كتبت باللغة العربية أنها أبحاث صغيرة، كل منها يختص بأحد مباحث هذه الرسالة.
ومما يثير العجب والدهشة أن المستشرقين مع قلة إنتاجهم الفكري بما يتعلق بالدراسات الإسلامية (¬1)،
إلا أن موضوع روايات صحيح البخاري كان
¬_________
(¬1) مما تجدر الإشارة إليه أن المستشرقين كانت لهم عناية بالدراسات الشرقية عمومًا، والعربية خصوصًا، ومن مظاهر عنايتهم بالدراسات العربية والإسلامية محاولتهم اقتناء كثير من المخطوطات العربية.
ولاشك أن أهم هذه المجموعات على الإطلاق - كما قَال د / أيمن فؤاد سيد - هي مجموعة المخطوطات الموجودة في مكتبات إستانبول والأناضول والتي يقدر عددها بنحو (250) ألف مخطوط عربي، وكذلك المخطوطات العربية الموجودة في إيران.
أما مجموعات المخطوطات العربية الموجودة في أوربا فأهمها المجموعات الموجودة في باريس وبرلين ولندن وليدن ومدريد وروما ودبلن وسان بطرسبرج، وتتركز أهم مجموعات المخطوطات العربية في الولايات المتحدة الأمريكية في برنستون وييل، كما تشتمل مكتبات الهند والدول الإسلامية التي تكون الكومنولث الروسي على مجموعة هامة من المخطوطات العربية والإسلامية.
وفي تركيا تتكون مكتبات استانبول وحدها من نحو 150 خزانة وقفية، موزعة الآن على نحو 16 مكتبة جمع القسم الأكبر منها مؤخرًا في المكتبة السليمانية، ولم يبق خارجها إلا المجموعات المحفوظة في متحف طوبقبوسراي، ومكتبة كوبريلي، وغير ذلك.
ويوضح سبب كثرة المخطوطات في استانبول إجابة العالم التركي الراحل خوجا شرف الدين عندما سأله صديقه المستشرق الألماني هلموت ريتر عندما قَال له: كيف استطعتم أن تجمعوا كل هذه الكتب؟
أجابه بكلمة واحدة: «بالسيف» وأضاف ريتر: وفي الحقيقة فإن قسمًا كبيرًا من هذه الكنوز كان أسلابًا وغنيمةً، فقد ورث العثمانيون الدول الإسلامية السابقة عليهم، واعتبروا أنفسهم حكام العالم الإسلامي بعد انتقال الخلافة إليهم فكان من الطبيعي أن ينقلوا إلى عاصمتهم - عاصمة الخلافة - بين ما نقلوه من البلاد التي وقعت تحت سيطرتهم الإنتاج الفكري المتمثل في المخطوطات العربية.

أما في أوربا فيرجع تكوين المخطوطات الشرقية عمومًا، والمخطوطات العربية خصوصًا إلى فترة الحروب الصليبية، ولكن البداية الحقيقية ترجع إلى القرن السادس عشر الميلادي عندما بدأ اتصال فرنسا بالمخطوطات العربية، غير أنها لم تتعد في هذه الفترة أصابع اليدين، ثم ارتفع عدد المخطوطات في فرنسا في عام 1668 م ليبلغ 468 مخطوطة، ثم ارتفع في فترة حكم لويس الرابع عشر إلى أكثر من 1800 مخطوطة، ثم ارتفع عقب الحملة الفرنسية (1798 - 1801 م) ليصل عدد المخطوطات إلى أكثر من خمسة آلاف مخطوطة عربية وازداد شيئًا فشيئًا حتى وصل العدد في سنة 1993 (7200) سبعة آلاف ومائتي مخطوطة.
أما أسبانيا فتتمثل أكبر مجموعة في مكتبة دير الإسكوريال في ضواحي مدريد التي أقامها ملك أسبانيا فيليب الثاني سنة 1576 م تخليدًا لذكرى انتصاره على الفرنسيين عام 1557 م.
ومقتنيات هذه المكتبة كثيرة جدًا، حيث جمع فيها ما تركه المسلمون في بلاد الأندلس بعد الاستيلاء عليها. كما ضم إليها في عهد الملك فيليب الثالث عام 1612 م خزانة مولاي زيدان السعدي ملك مراكش التي كان ينقلها في سفينة أثناء صراعه مع إخوته، واختطفها القراصنة الأسبان في عرض البحر، ظنًا منهم أن هذه الصناديق تحتوي على ذهب، وأهدوها إلى ملك أسبانيا، وكانت تضم نحو خمسة آلاف مخطوط عربي، باءت جميع محاولات استعادتها بالفشل، كما أن بابا الفاتيكان أمر بأن لا يخرج من هذه الخزانة أي كتاب خارج نطاق الدير.
أما الألمان فقد تركزت مجموعات المخطوطات لديهم في مكتبة برلين، وهي كثيرة جدًا، حتى إن المستشرق هانس روبرت رويمر عمل إحصاء وفهرسة شاملة لجميع المخطوطات الشرقية الموجودة في ألمانيا، وذلك في سنة 1955 م، وتبين من المسح الأولي لهذه المكتبات أن هناك ما يقرب من 14 ألف مخطوط شرقي غير مفهرس.
أما في بريطانيا فتركز أهم المخطوطات في المكتبة البريطانية (المتحف البريطاني سابقًا) (10600مخطوط) ومكتبة جامعة كمبردج (1910 مخطوط) ومكتبة البودليانا بإكسفورد (2350 مخطوطًا).
ومن أهم المكتبات الغنية بالمخطوطات النفيسة في أوربا مكتبة شيستربتي، الموجودة الآن في دبلن بأيرلندا، وهذه المكتبة جُمعت بعناية فائقة، جمعها السير ألفريد شيستربتي أحد هواة جمع المخطوطات الشرقية في القرن العشرين الذي نجح في جمع (3510) مخطوطة شرقية نادرة، وكانت هذه المجموعة أغلبها من مصر والشام واليمن، وكانت سنة 1930 م في بارودا هاوس بلندن، وعُدَّت في ذلك الوقت واحدة من أشهر مجموعات المخطوطات العربية في العالم، ثم نقلت إلى دبلن بأيرلندا سنة 1950 م، ووقف لها هناك مبنى خاصًا بها.
وتحتفظ مكتبة شيستربتي أيضًا بأرشيف ضخم للمراسلات التي دارت بينه وبين تجار الكتب، الذين زودوه بهذه المخطوطات، كما تحتفظ بمعلومات عن مخطوطات أخرى، لم تصل إليه ولا يعلم مصيرها الآن.
باختصار وتصرف من كتاب: «الكتاب العربي المخطوط وعلم المخطوطات» لمؤلفه د / أيمن فؤاد سيد من ص: 507 - 520.

الصفحة 55