كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

الاستماع، ولأن يَدَعَ من حديثه فَضْلَةً يعاد إليها، أصلح من أن يفضل عنه ما يلزم الطالب استماعه من غير رغبة فيه ولا نشاط له (¬1).
وقال الزهري: إذا طال المجلس كان للشيطان فيه نصيب.
وروي مثله عن سفيان بن عيينة، وبشر بن منصور، وغيرهما (¬2).
3 - الاختلاط:
الاختلاط هو تغير في الحفظ واختلال في الضبط يصيب الراوي؛ بسبب كبر السن أو ذهاب البصر أو احتراق الكتب أو غرقها أو سرقتها أو غير ذلك.
وقد نص المحدثون على أن الراوي إذا اختلط وجب في حقه أن يمتنع عن التحديث، وأنه ينبغي له حال صحته أن يعهد لأهله أن يمنعوه من التحديث إذا ظهرت عليه بوادر الاختلاط.
قال الذَّهَبِيّ: ويمنع مع الهرم وتغير الذهن، وليعهد إلى أهله وإخوانه حال صحته: إنكم متى رأيتموني تغيرت فامنعوني من الرواية (¬3).
ولقد ذكر أئمة الجرح والتعديل في كتبهم بعض الرُّواة الذين حجبوا عن التحديث بسبب الاختلاط، أمثال جرير بن عبد الحميد الضبي (¬4) وجرير بن حازم (¬5).
قال ابن سعد في ترجمة إبراهيم بن العباس السامري: إبراهيم بن العباس اختلط آخر عمره فحجبه أهله حتى مات (¬6).
¬_________
(¬1) «الجامع» 2/ 127.
(¬2) ينظر «الجامع» 2/ 128 - 129.
(¬3) «الموقظة» ص: 66.
(¬4) «تقريب التقريب» (916).
(¬5) «تهذيب الكمال» 4/ 528.
(¬6) «الطبقات» 7/ 346.

الصفحة 76