كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

النوع الخامس والعشرون: في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده:
إن على كَتَبةِ الحديث وطَلَبَتِهِ صرفَ الهمةِ إلى ضبط ما يكتبونه أو يُحصِّلونه بخط الغير من مروياتهم، على الوجه الذي روَوْهُ شكلًا ونَقْطًا يؤمَنُ معهما الالتباس، وكثيرا ما يتهاون بذلك الواثق بذهنه وتَيقُّظه، وذلك وخيمُ العاقبة؛ فإن الإنسان معَّرضٌ للنسيان وأولُ ناسٍ أولُ النّاسِ (¬1).
وإعجام المكتوب يَمْنَعُ من استعجامه، وشَكلُهُ يمنع من إشكاله، ثم لا ينبغي أن يتعنَّى بتقييد الواضح الذي لا يكاد يلتبس، وقد أحسنَ مَنْ قال: إنما يُشْكَلُ ما يُشْكِلُ (¬2).
وقرأت بخط صاحب كتاب «سمات الخط ورقُوُمهُ» علي بن إبراهيم البغدادي (¬3) فيه: أن أهل العلم يكرهون الإعجامَ والإعرابَ إلا في الملتبِس.
¬_________
(¬1) إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115].
(¬2) ذكر مثله الرامهرمزي في «المحدث الفاصل» ص: 608 فقرة (688)، والقاضي في «الِإلمَاع» ص: 135 - 136.
(¬3) لم أقف على ترجمته، وقد ذكره صاحب «كشف الظنون» 4/ 1001، ولم يذكر فيه شيئًا غير وصف الكتاب.

الصفحة 87