كتاب روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية» (اسم الجزء: 1)

والإسناد هو حكاية طريق متن الحديث، والسند طريق متن الحديث، وسمي سندًا لاعتماد الحفاظ عليه في الحكم بصحة الحديث أو ضعفه، أخذًا من معنى السند لغة، وهو ما استندت إليه من جدار أو غيره.
وحكاية الإسناد ورواية النصوص مُسندةً خصيصةٌ عظيمةٌ، ومَيزةٌ لم تعط للأمم من قبلنا، وهو من الدين بموقع عظيم.
ولقد عقد الإمام مسلم في مقدمة «صحيحه» بابًا في بيان أن الإسناد من الدين، وضمنه بعض أقوال العلماء في بيان منزلة الإسناد من الدين (¬1) ومنها:
ما نقله عن ابن سيرين ت (110) هـ قال: إِنَّ هَذَا الْعِلْمَ دِينٌ فَانْظُرُوا عَمَّنْ تَاخُذُونَ دِينَكُمْ (¬2).
وقال أيضًا: لَمْ يَكُونُوا يَسْأَلُونَ عَنِ الإِسْنَادِ فَلَمَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ قَالُوا: سَمُّوا لَنَا رِجَالَكُمْ فَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ السُّنَّةِ فَيُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ وَيُنْظَرُ إِلَى أَهْلِ الْبِدَعِ فَلاَ يُؤْخَذُ حَدِيثُهُمْ (¬3).
وعن سليمان بن موسى قال: لَقِيتُ طَاوُسًا فَقُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلاَنٌ كَيْتَ وَكَيْتَ. قَالَ: إِنْ كَانَ صَاحِبُكَ مَلِيًّا فَخُذْ عَنْهُ (¬4).
¬_________
(¬1) وذكر أستاذنا الدكتور مصطفى أبو عمارة في أول كتابه «رواة الحديث وطبقاتهم» مقدمة نفيسة في بيان مكانة الإسناد من الدين، واختصاص الأمة الإسلامية به.
(¬2) أخرجه مسلم في المقدمة 1/ 11، وابن سعد في «الطبقات» 7/ 194، والدارمي في «سننه» المقدمة، باب في الحديث عن الثقات 1/ 400 (443)، وابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» 2/ 15.
(¬3) أخرجه مسلم في المقدمة 1/ 11، والدرامي في «سننه» المقدمة، باب في الحديث عن الثقات 1/ 396 (430)، وعبد الله بن أحمد في «العلل» 2/ 559 (4640)، وابن عدي في «الكامل» 1/ 517 (1402).
(¬4) أخرجه مسلم في المقدمة 1/ 12، والدارمي في «سننه) المقدمة، باب في الحديث عن الثقات 1/ 395 (428)، والعقيلي في «الضعفاء» 1/ 12.

الصفحة 9