كالبينة، لأن ذلك من الأمور التقديرية، فلا يؤثر في إسقاط عدالته ولا سلب (¬1) ولايته.
ويؤيّده أنه لو ادّعى على قاذفه، فادّعى عدم إحصانه، فأنكر، فقال: حلِّفُوه أنه لم يَزْنِ، فنكل وردَّ اليمين، فحلف القاذفُ اليمين المردودة، فإنه يسقط حدّ القذف، ولا يُحَدّ المقذوف حدَّ الزنى.
377 - قوله: (المثال الخامس: أن يُدَّعَى على الولي المُجبِر أنه زَوَّج ابنته، فلا يحل له النكول) (¬2).
قال شيخنا: في هذا المثال والذي قبله: لا يجب اليمين، لأن المدّعي قد لا يحلف اليمين المردودة، وكذا في الدعوى على الولي المُجبِر وما بعده.
وحجة شيخنا في ذلك، ما سبق من جواز الاستسلام المدلول عليه بقوله تعالى في قصة ابنَيْ آدم: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} [المائدة: 28] وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كُن عبدَ الله المقتول، ولا تكن عبدَ الله القاتل" (¬3).
قال الشيخ (¬4): الذي يظهر من الآية والحديث، عدم وجوب الدفع بما يؤدي إلى قتلٍ ونحوه، بدليل قولِهِ: {لَأَقْتُلَنَّكَ}، وقولِهِ: "ولا تكن عبدَ الله
¬__________
(¬1) في المخطوط: (سبب). والمثبت هو الصواب الظاهر.
(¬2) قواعد الأحكام 2: 58.
(¬3) رواه أحمد 5: 110 (21101) من حديث عبد الله بن خبّاب عن أبيه - رضي الله عنهما -. وأورده بنحوه ابن حجر في فتح الباري 12: 297 معزوًا لمسند يعقوب بن سفيان، وقال عن سنده: (صحيح). ورواه أحمد أيضًا 5: 292 (22552) والحاكم في المستدرك 4: 562 من حديث خالد بن عُرفُطة - رضي الله عنه - بلفظ (فإن استطعتَ أن تكون عبد الله المقتول لا القاتل، فافعل). وتكلم الحاكم في إسناده بسبب راويه (علي بن زيد بن جُدعان).
(¬4) المراد به هنا البلقيني. والقائل هو تلميذه ناسخ المخطوط.