وما قال الشيخ (¬1) من أن الحراسة ضربٌ من الجهاد، ممنوع (¬2).
581 - قوله: (ولا يصلَّى على الشهداء، فإنهم قد غُفرت لهم الزلات، لأن أول قطرة تقطر من دم الشهيد، يُكفّر بها كل ذنب إلا الدَّين) (¬3).
فقال شيخنا أدام الله به النفع للمسلمين: إنما لم يصلَّى (¬4) على الشهداء، لأن الصلاة على الميت تابعة لغَسله، والشهيد لا يُغسل فلا يصلَّى عليه.
582 - قوله: (فإن قيل: لِمَ تَرَك - صلى الله عليه وسلم - الصلاة على المَدين مع افتقاره
¬__________
= في القيام ممنوع إلا في التخلف للحراسة في صلاة عسفان، وفي الانتظار في صلاة ذات الرقاع، تقديمًا لمصالح الجهاد على مصالح الاقتداء ...).
(¬1) أي: ابن عبد السلام.
(¬2) سياق كلام الشيخ ابن عبد السلام يدل أن المراد بالحراسة هنا: الحراسة في سبيل الله، وهي من الجهاد كما قاله الشيخ ابن عبد السلام؛ ولا يظهر وجه لهذا التعقيب من البلقيني، ومَنْعه لذلك؛ ففي الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: (طُوبَى لعبدٍ آخِذٍ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعثَ رأسُه، مغبرّةٍ قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في السّاقَة كان في السّاقَة). صحيح البخاري 3: 1057 (2729) وقد أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، وبَوَّب عليه بقوله: (باب الحراسة في الغزو في سبيل الله). كما أن البيهقي أخرج هذا الحديث في سننه الكبرى 9: 159 في كتاب السير، وبَوَّب عليه: (باب في فضل الجهاد في سبيل الله). وأخرجه ابن عساكر في الأربعين في الجهاد ص 109 (الحديث الخامس والثلاثون). وينظر: فتح الباري 6: 83، ومرقاة المفاتيح 7: 326 - 329 ففيهما أحاديث في فضل الحراسة والمرابطة في سبيل الله.
(¬3) قواعد الأحكام 2: 289.
(¬4) كذا في المخطوط: (لم يصلَّى) بإثبات حرف العلة مع كون الفعل (المضارع) مجزومًا، وهو وجهٌ نحوي وارد على لغة قومٍ، وإلا فمقتضى الوجه المشهور حذف حرف العلة في المضارع المجزوم. يراجع النحو الوافي لعباس حسن 1: 182 - 185 ودور اللهجة في التقعيد النحوي، دراسة إحصائية تحليلية في ضوء همع الهوامع للدكتور علاء إسماعيل الحمزاوي ص 16 - 17 و 66.