كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

أحد في ذلك، ولا يُظَنُّ بمعاوية غيره، فلم يكن ليعهد إليه وهو يعتقد ما يُدَّعى عليه من الفسق، حاشا اللَّه لمعاوية من ذلك، وكذلك كان مروان بن الحكم وابنه، وإن كانوا ملوكًا، لم يكن مذهبهم في الملك مذهب أهل البطالة والبغي، وإنَّما كانوا متحرين لمقاصد الحق جهدهم إلَّا في ضرورة تحملهم على بعضها، مثل خشية افتراق الكلمة الذي هو أهم لديهم من كل قصد، يشهد لذلك ما كانوا عليه من الاتباع والاقتداء، وما علم السلف من أحوالهم ومقاصدهم، فقد احتج مالك في الموطأ بعمل عبد الملك، وأمَّا مروان فكان من الطبقة الأولى من التابعين وعدالتهم معروفة) (¬1).
ويقول عن العباسيين: (كانوا من العدالة بمكان، وصرَّفوا الملك في وجوه الحق ومذاهبه ما استطاعوا حتى جاء بنو الرشيد من بعده فكان منهم الصالح والطالح، ثُمَّ أفضى الأمر إلى بنيهم فأُعطوا الملك والترف حقه وانغمسوا في الدنيا وباطلها، ونبذوا الدين وراءهم ظهريًّا، فتأذن اللَّه بحربهم، وانتزاع الأمر من أيدي العرب) (¬2).
ومِمَّا يذكر في هذا المقام أنَّ الدراسات الاستشراقية في مجال تاريخ
¬__________
(¬1) مقدمة ابن خلدون: ص 206، (مرجع سابق).
(¬2) مقدمة ابن خلدون: ص 206، (المرجع السابق نفسه).
ولمزيد الاطلاع على آراء المستشرقين وشبهاتهم حول تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها منذ نهاية الخلافة العباسية وحتى العصر الحديث؛ انظر: شوقي أبو خليل: كارل بروكلمان في الميزان: ص 130 - 172، (مرجع سابق)، وانظر: لوثروب ستودارد الأمريكي: حاضر العالم الإسلامي، ترجمة عجاج نويهض، ويتعليق الأمير شكيب أرسلان: 3/ 208 - 342، (مرجع سابق).
وانظر: شوقي أبو خليل: غوستاف لوبون: ص 49 - 169، الطبعة الأولى 1410 هـ - 1990 م، عن دار الفكر - دمشق، وانظر: أحمد العناني: أطول معارك التاريخ: ص 153 - 173، (مرجع سابق)، وانظر: جمال الدين الشيال: التاريخ الإسلامي وأثره في الفكر التاريخي الأوروبي في عصر النهضة: ص 77 - 113، (مرجع سابق).

الصفحة 1005