كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)
آدم على سائر الحيوانات والجن) (¬1). وذهب بعضهم إلى (أفضلية الجنس البشري على جنس الملائكة إذا كانوا صالحين) (¬2)، واستشهدوا بالأثر: (قالت الملائكة: يا ربنا إنَّك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون منها وينعمون ولم تعطنا ذلك فأعطنا في الآخرة، فقال اللَّه تعالى: "وعزتي وجلالي لأجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فيكون" (¬3).
فهذا التكريم والتفضيل جارٍ وفق سنن اللَّه، وإن كان الناس يتفاضلون فيه وتتفاوت درجات تكريمهم إلا أن الصالحين منهم أوفر حظًّا في الدنيا والآخرة، والدليل على ذلك أن الكافر يقول يوم القيامة: {يَالَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا} [النبأ: 40] وأن اللَّه شبه بعض الناس بالأنعام بل هم أضل إذا لم يفقهوا غاية وجودهم وما هم مأمورين به، قال تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف: 179]، وقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ} [القلم: 35]، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ}
¬__________
= عبد السلام عبد الشافي محمد، (مرجع سابق). وانظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (5/ 190)، (مرجع سابق).
(¬1) المصدران السابقان الصفحات نفسها.
(¬2) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (3/ 51)، (مرجع سابق). وانظر: ابن تيمية: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (4/ 350 - 392)، (مرجع سابق).
(¬3) أورده ابن كثير عن زيد بن أسلم وقال: بأنه مرسل من هذا الوجه ولكنه متصل من وجه آخر. المرجع السابق الصفحة نفسها، وقد أورده عبد الرزاق بن همام الصنعاني: (126 - 211 هـ) في تفسيره: تفسير القرآن عند تفسيره للآية: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}: (2/ 382)، تحقيق: مصطفى مسلم محمد، الطبعة الأولى: (1410 هـ - 1989 م)، عن مكتبة الرشد - الرياض.