كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

المقدمة
إنَّ الحمد للَّه، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ باللَّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد اللَّه فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلَّا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى اللَّه عليه وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا .. أمَّا بعد:
فإنَّ التفضيل والاصطفاء والاختيار والتميز من سنن اللَّه في خلقه؛ قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (¬1) [القصص: 68]، وقال تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75]، وقال تعالى: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} [الحج: 78]، وقال تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124]، وقال تعالى: {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: 105]، وقال الرسول - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنكم وفيتم سبعين أُمَّة أنتم خيرها وأكرمها على اللَّه" (¬2).
¬__________
(¬1) انظر ما قاله ابن قيم الجوزية في الاختيار هنا: زاد المعاد في هدي خير العباد 1/ 39 - 40، تحقيق شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، الطبعة الخامسة والعشرون 1412 هـ - 1991 م عن مؤسسة الرسالة - بيروت.
(¬2) أخرجه ابن ماجه في سننه: 2/ 1433 كتاب الزهد حديث رقم (4288)، تحقيق: محمد =

الصفحة 11