كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

ومن ناحية أخرى فإن هذا العصر يشهد -في ظل تقارب المسافات، وتطور الأساليب الحضارية- اختلاط الأمم وتفاعلها الفكري والثقافي؛ بيد أن طغيان الحضارة الغربية وثقافتها على العالم المعاصر يقلل التميُّز بين الأمم والشعوب (¬1) بما يتعارض مع طبيعة الأمة الإسلاميَّة التي يفترض فيها أنْ تكون صاحبة رسالة قائمة بالحق والخير والمعروف، وشاهدة على الأمم.
وعن هذا المعنى عبَّرَ (محمد أسد) (¬2) بقوله: إنَّ الإسلام بخلاف سائر الأديان. . . لا يُمكن تقريبه من الأوضاع الثقافية المختلفة، بل هو فلك ثقافي مستقل، ونظام اجتماعي واضح الحدود، فإذا امتدت مدنيَّة أجنبية
¬__________
= حديثه عن الفوقيَّة الغربية- آثار هذه النزعة في ضياع ما أسماه (هويتهم الواحدة)، وانظر: العرب في التاريح: ص 235 - 254، تحت عنوان: تأثير الغرب، بيد أنه ألمح لتميُّز الأمَّة الإسلاميَّة وقوة مقاومة الإسلام، ومع ذلك يرى بأنَّ الغرب قادر على إذابة ذلك التميُّز؛ إذ يقول: (إذ لم يعد الإسلام عقيدة حديثة لينة. . بل هو الآن ديانة عريقة ذات نظم ثابتة. ولكن إذا كان المعدن صلبًا فالمطرقة أشد صلابة) المرجع نفسه، ترجمة نبيه أمين فارس وآخر، عن دار العلم للملايين، 1954 م، بيروت.
(¬1) انظر: ناصر بن عبد الكريم العقل: دراسة تحليلية قدّم بها كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم 1/ 40، الطبعة الأولى، 1404 هـ، (لم يذكر الناشر).
(¬2) محمد أسد: (1900 - 1992) كان يهوديًّا نمساويًّا، ثم أسلم وكان اسمه قبل إسلامه (ليو بولد فايس)، وله مؤلفات في الفكر الإسلامي منها الطريق إلى الإسلام، ومنهاج الحكم في الإسلام، والإسلام على مفترق الطريق. انظر ترجمته لدى العقيقي: المستشرقون 2/ 291، وانظر مجلة الفيصل عدد (184) شوال 1412 هـ، ص 126 - 127، وفيها خبر وفاته وترجمة له ولمحة عن حياته وأعمالة، ونشرت في عددها (185) في باب (الطريق إلى اللَّه) قصة إسلامه، تصدر عن دار الفيصل الثقافية، الرياض.

الصفحة 25