كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

(والمصابرة هي الملازمة والاستمرار على ذلك) (¬1) أي: (لزوم الصبر، الذي هو حبس النفس على ما تكرهه، من ترك المعاصي، ومن الصبر على المصائب، وعلى الأوامر على النفوس) (¬2)، والتي يأتي في قيمتها الصبر على مواجهة الإعداد والانتقال من الصبر والمصابرة إلى درجة المرابطة (¬3)، وهي الإقامة في الثغور استعدادًا لمواجهة الأعداء (¬4).
ومما يستفاد من ذلك أن الصبر بهذا المفهوم الإسلامي الأصيل يوجد في الأمة أفرادًا لهم (قدرات روحية وطاقات خلقية متميزة) (¬5)، وهذه الطاقات والقدرات تجعلهم قادرين على التضحية والفداء (¬6). . .، وإن ما تستوجبه الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة من حقوق وواجبات يكون من اليسر بمكان لدى تلك النفوس التي تدربت على الصبر، واعتادت عليه، وأصبح من المبادئ الأساسية في حسها وتصورها لإيمانها بقيمة الدين الذي تعتنقه والأمة التي تنتمي إليها؛ ولذلك (كان الرجلان من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخرة سورة العصر، ثم يسلم أحدهما على الآخر) (¬7)، حيث إن التواصي بالصبر،
¬__________
(¬1) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (1/ 480)، مرجع سابق. ولمزيد من الاطلاع على الصبر: (ضرورته ومجالاته، درجاته، وعلاقته ببعض الفضائل الأخرى، بعض نماذجه الواقعية)، انظر: محمد عبد اللَّه عفيفي: النظرية الخلقية عند ابن تيمية: ص: (460 - 476)، مرجع سابق.
(¬2) محمد عبد اللَّه عفيفى: المرجع السابق نفسه: ص: (480).
(¬3) انظر: ابن قيم الجوزية: المرجع السابق نفسه ص: (1/ 541).
(¬4) انظر: المرجع السابق نفسه: (1/ 542، 543)، وانظر: أبو القاسم الغرناطي: التسهيل لعلوم التنزيل: ص: (127)، مرجع سابق.
(¬5) أحمد عبد الرحمن إبراهيم: الفضائل الخلقية في الإسلام: ص: (178)، مرجع سابق.
(¬6) انظر: المرجع السابق نفسه: ص: (177، 178).
(¬7) سيد قطب: في ظلال القرآن: (6/ 3971)، مرجع سابق، وانظر: محمد عبده: تفسير =

الصفحة 425