كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

لقليله وكثيره الذي إذا انتفى، ثبت ضده، وهو المحبة بين المؤمنين والموالاة والنصح، ونحو ذلك مما هو من حقوق المؤمنين. . . ووصفهم بالإقرار بالذنوب، والاستغفار منها واستغفار بعضهم لبعض واجتهادهم في إزالة الغل والحقد لإخوانهم المؤمنين؛ لأن دعاءهم بذلك مستلزم لما ذكرنا ومتضمن لمحبة بعضهم بعضًا، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه وأن ينصح له حاضرًا وغائبًا حيًا وميتًا) (¬1).
وفي النهي عن سوء الظن بالمسلم والسخرية به واغتيابه ونحو ذلك مما لا يليق بآداب الأخوة وحقوقه، يقول تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 11 - 12]، ففي هاتين الآيتين ما يؤكد على ضرورة صيانة الأخوة الإسلامية ووقايتها من (هذا السداسي الجاهلي، السخرية واللمز والنبز وسوء الظن والتجسس والغيبة. . . وبذلك ينغصون حياتهم وأخوتهم الإسلامية وترابطهم بقلق وإرجاف ومسالك سيئة. . . والآيتان تترابطان وتتساندان في تهذيب المجتمع ورسم المنهج القويم له، فالآية الأولى اختصت بعلاج مرض السخرية واللمز والنبز بالألقاب، والثانية بالظن والتجسس والغيبة، وتلك لبنات الشر وصورة الجهل والدمار، وكلها آخذ بعضها ببعض) (¬2)، على أن هناك حالات تستثنى من هذا النهي ذكرها
¬__________
(¬1) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (7/ 336)، المرجع السابق نفسه.
(¬2) انظر: محمد بن محمد الأمين الأنصاري: منهج الدعوة الإسلامية في البناء الاجتماعي على ضوء ما جاء في سورة الحجرات ص: (389)، الطبعة الأولى: (1404 هـ - 1984 م)، عن مكتبة الأنصار - الرياض، وأساسها رسالة علمية نال بها الباحث درجة =

الصفحة 429