كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه [أو قال لجاره] ما يحب لنفسه" (¬1) وهذا الحديث يؤكد مع أحاديث أخرى كثيرة أن الأخوَّة الإسلامية تقتضي من المسلم (أن ينصر أخاه من أعدائه فلا يسلمه إليهم ولا كلمة "لا يسلمه" لا تقتصر على أن يسلم المسلم أخاه إلى عدوه بالمعنى الظاهر من هذه الكلمة، وإنَّما يتضح أنَّ لهذه الكلمة شمولًا واسعًا، وذلك أن لا يسلمه إلى اليأس، ولا يسلمه إلى التهلكة، ولا يسلمه إلى الخزي والعار، ولا يسلمه إلى التردي في مهاوي الفساد، كما تفيد أيضًا أن لا يسلمه إلى عدوه. . . وهذه من بعض معاني التناصر بين المسلمين، وكذلك يجب على المسلم أن لا يظلم أخاه المسلم) (¬2).
ويتجاوز التناصر في أخوة الإسلام ما يعهده الناس في الجاهلية من حمية جاهلية تقتضي الوقوف إلى جانب الأخ سواء كان ظالمًا أو مظلومًا، إلى نصرته على نفسه وإنقاذه من ذاته، فقد جاء الإسلام والعرب تقول: (أنصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا) (¬3) فأقر هذا القول وقال الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-:
¬__________
= (6/ 2550)، رقم الحديث: [6551]، تحقيق: مصطفى ديب البغا، مرجع سابق، وأخرجه مسلم: صحيح مسلم: (4/ 1996)، رقم الحديث: [2580]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي (مرجع سابق)، وورد لدى مسلم برواية "لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره. . . كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه". المرجع السابق نفسه: الحديث رقم: [2564]، (4/ 1986).
(¬1) أخرجه مسلم: المرجع السابق نفسه: (1/ 67)، الحديث رقم: [45].
(¬2) محمود محمد بابللي: معاني الأخوة في الإسلام ومقاصدها: ص: (64)، مرجع سابق.
(¬3) تنسب إلى جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم، (ولم أجد له ترجمة وفية)، وأنه أول من قالها في الجاهلية ذكر ذلك ابن حجر: فتح الباري: (5/ 98)، مرجع سابق، وانظر: أبو الحسن الندوي: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين: ص: (70)، مرجع سابق.

الصفحة 431