كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

وحدة الأمة الإسلامية، حيث يقول سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]،. . . ونعمة اللَّه في هذه الآية هي الإسلام واتباع محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبه زالت العداوة والفرقة وحلت محلها المحبة والألفة والأخوة في الدين) (¬1).
د- المناصحة: قال الراغب الأصفهاني: (النصح: تحري فعل أو قول فيه صلاح صاحبه، قال تعالى: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [الأعراف: 79]، وقال: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ} [الأعرف: 21]، وهو من قولهم: نصحت له الود، أي: أخلصته، وناصح العسل: خالصه. . . وقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} [التحريم: 8]، إما الإخلاص، وإما الإحكام) (¬2). وقال ابن الأثير في معنى قول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الدين النصيحة. . . للَّه ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم" (¬3): (نصيحة اللَّه: صحة الاعتقاد في وحدانيته، وإخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتاب اللَّه: هو التصديق به والعمل بما فيه، ونصيحة رسوله: التصديق بنبوته ورسالته، والانقياد لما أمر به ونهى عنه، ونصيحة الأئمة: أن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا، ونصيحة المسلمين: إرشادهم إلى مصالحهم) (¬4).
يتبين من ذلك أن المناصحة من النصح، وأن النصح يعني الإخلاص
¬__________
(¬1) علي عبد الحليم محمود: مع المرجع السابق نفسه: ص 78.
(¬2) مفردات ألفاظ القرآن: مادة (نصح)، مرجع سابق.
(¬3) أخرجه مسلم: صحيح مسلم: (1/ 74)، الحديث رقم: [55]، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، مرجع سابق.
(¬4) النهاية في غريب الحديث والأثر: (5/ 63)، مرجع سابق.

الصفحة 437