كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

مجتمع يكمل بعضه بعضه الآخر فهو (ما بين مهاجرين، قد هجروا المحبوبات والمألوفات، من الديار، والأوطان، والأحباب، والخلان والأموال، رغبة في اللَّه ومحبة لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. . . وبين أنصارهم؛ الأوس والخزرج الذين آمنوا باللَّه ورسوله طوعًا ومحبة واختيارًا. . .) (¬1)؛ ولذلك فإن اللَّه امتدح المهاجرين ووصفهم في الآية السابقة للآية التي وصف فيها الأنصار وامتدحهم بها إذ قال تعالى: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحشر: 8]، (وهي صورة صادقة تبرز فيها أهم الملامح المميزة للمهاجرين) (¬2) إلى جانب الصورة التي ذكرت عن الأنصار، وهما صورتان متكاملتان لتميز الأمة الإسلامية، وأن من مقوماته الأخوة الإسلامية ووحدة الأمة التي تقوم على (مبدأ العطاء قبل الأخذ، وتشده أواصر العقيدة. . . ويوجهه الإيمان العميق في كل فاعلياته، ويقوده الرسول (الأسوة) الذي ضرب بتجرده وإيثاره وانسلاخه عن الأخذ وعطائه الدائم مثلًا عاليًا ومؤثرًا) (¬3).
وخلاصة القول: (أن تجربة المؤاخاة نجحت، وكان لابد لها أن تنجح ما دامت قد استكملت الشروط، وتهيأت لها الأسباب في القيادة والقاعدة على السواء وبغض النظر عن عدد الذين تآخوا عشرات كانوا أو
¬__________
(¬1) السعدي: تيسير الكريم الرحمن: (7/ 333)، مرجع سابق.
(¬2) سيد قطب: في ظلال القرآن: (6/ 3526)، مرجع سابق.
(¬3) عماد الدين خليل: دراسات في السيرة: ص: (156)، مرجع سابق. ولمزيد الاطلاع على نماذج من تطبيقات الإيثار بين المهاجرين والأنصار بل بين إخوة الإسلام؛ انظر: المرجع السابق نفسه: (152 - 158)، وانظر: حسن زكريا فليفل: إنما المؤمنون إخوة: ص: (33 - 44)، مرجع سابق، وانظر: نماذج من الأخوة والحب بين الصحبة والتابعين وتابعيهم ص: (44 - 52)، المرجع نفسه.

الصفحة 457