كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

الإسلام بين هذا الشعب وسائر الشعوب الإسلامية برباط الأخوة في إطار الأمة الإسلامية الواحدة) (¬1).
ولم يكن الاستشراق بريئًا مما أقدم عليه الاستعمار عندما طرح شعار (مصر للمصريين، وأخذ ينادي بالفرعونية، ونشط لكي يجعل لمصر الفرعونية حضارة فأخذ ينبش قبور الفراعنة، ويبحث في آثارهم ليختلق تاريخًا، وليؤكد حضارة، وليصرف المسلمين في مصر عن الاعتزاز بحضارتهم الإسلامية إلى الاعتزاز بالحضارة الفرعونية) (¬2).
وعلى الرغم مما بذله الاستعمار في تضخيم التراث الفرعوني في المناهج الدراسية وعلى صفحات الجرائد والمجلات، ومن خلال المسرح والتمثيل والتماثيل التي نصبت في الساحات والميادين وغيرها لتعبر عن الاعتزاز بتلك الحضارة الغابرة إلى جانب عنايته بعلم الآثار لهذا الغرض بخاصة مستخدمًا في ذلك طائفة من المستشرقين في البحث والتنظير، فإن هذه الدعوى لم تستطيع تحقيق الأهداف المرسومة لها من قبل المستشرقين والمستعمرين بالصفة التي كانوا ينشدونها وفي الوقت الذي وقتوا له، إذ قابلها المفكرون والأدباء بالاستهجان وماتت في مهدها.
يقول محمد حسين هيكل: (وانقلبت ألتمس تاريخنا البعيد في عهد الفراعين موئلًا لوحي هذا العصر ينشئ فيه نشأة جديدة، فإذا الزمن، وإذا الركود العقلي قد قطعا ما بيننا وبين ذلك العهد من سبب قد يصلح بذرًا لنهضة جديدة، وروَّأت فرأيت أن تاريخنا الإسلامي هو وحده البذر الذي ينبت ويثمر ففيه حياة تحرك النفوس وتجعلها تهتز وتربو، والفكرة الإسلامية المبنية على التوحيد في الإيمان باللَّه تنزع في ظلال حرية الفكر
¬__________
(¬1) عز الدين الخطيب التميمي وآخرون: نظرات في الثقافة الإسلامية: ص: (51)، مرجع سابق.
(¬2) المرجع السابق نفسه ص: (52).

الصفحة 465