كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

إلى وحدة الإنسانية، وحدة أساسها الإخاء والمحبة، فالمؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها إخوة يتحابون بنور اللَّه بينهم، وهم لذلك أمة واحدة تحيتها السلام، وغايتها السلام، وهذه الفكرة تخالف ما يدعو إليه عالمنا الحاضر من تقديس القوميات وتصوير الأمم وحدات متنافسة يحكم السيف، وتحكم أسباب الدمار بينها فيما تتنافس عليه، ولقد تأثرنا معشر أمم الشرق بهذه الفكرة القومية واندفعنا ننفخ فيها روح القوة، نحسب أنا نستطيع أن نقف بها في وجه الغرب الذي طغى علينا وأذلنا، وخيل إلينا في سذاجتنا أنا قادرون بها وحدها على أن نعيد مجد آبائنا، وأن نسترد ما غصب الغرب من حريتنا وما أهدر بذلك من كرامتنا الإنسانية) (¬1).
ثم يواصل نقده لفكرة القومية قائلًا: (ولقد أنسانا بريق حضارة الغرب ما تنطوي هذه الفكرة القومية عليه من جراثيم فتاكة بالحضارة التي تقوم على أساسها وحدها. وزادنا ما خيم علينا من سخف الجهل إمعانًا في هذا النسيان. على أن التوحيد الذي أضاء بنوره أرواح أبنائنا قد أورثنا من فضل اللَّه سلامة في الفطرة هدتنا إلى تصور الخطر فيما يدعو الغرب إليه، وإلى أن أمة لا يتصل حاضرها بماضيها خليقة أن تضل السبيل. . وكم في ماضينا من أرواح ذات سناء باهر قادرة بقوتها على أن تبعث الحضارة الإسلامية خلقًا جديدًا. . . ومحمد بن عبد اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- هو النور الأول الذي استمدت هذه الأرواح منه ضياءها. . . لذلك جعلت سيرته موضع دراستي في "حياة محمد") (¬2).
ويقول كاتب آخر: (هذه مصر الحاضرة تقوم على ثلاثة عشر قرنًا وثلث من التاريخ الإسلامي نسخت ما قبلها كما تنسخ الشمس الصباحية
¬__________
(¬1) في منزل الوحي: ص: (23)، الطبعة السابعة: (1979 م)، عن دار المعارف، القاهرة.
(¬2) المرجع السابق نفسه ص: (23، 24).

الصفحة 466