كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

القاطنون فيها شعوبًا مختلفة لا يمتون إلى الفينيقيين بسبب أو بآخر، وكانوا تحت حكم البيزنطيين وسرعان ما دخلوا في الإسلام وصاروا والفاتحين بنعمة اللَّه إخوانًا، وما عرفت هذه البلاد عبر أربعة عشر قرنًا حضارة غير الحضارة الإسلامية) (¬1).
ثم جاء المستشرقون وعملوا على تجميع رفات هذه الحضارة وإحياء أمجادها؛ لتكون آصرة أخوة وعقيدة لطائفة من الشعوب الإسلامية، وعلى ذلك تنسلخ من انتسابها لأخوة الإسلام ووحدة الأمة الإسلامية، وتصبح عائقًا عويصًا من عوائق وحدة الأمة الإسلامية التي هي من أهم مقومات تميزها، ويتحقق للغرب كما قال أحد الباحثين عن آثار إحياء الحضارة الفينيقية، وأنها تعني في المقام الأول: (سلخ لبنان عن بلاد الشام والعالم الإسلامي والحضارة الإسلامية، وهي دعوة تقوم على إرجاع سكان لبنان إلى أصول فينيقية أو صليبية، وإلى الأخذ بلغة فينيقية والكتابة بالحروف اللاتينية وإلى اتخاذ الفينيقية مصدرًا حضاريًا وتاريخيًا وفكريًا) (¬2).
ولا تقتصر على هذا، بل هي -أيضًا-: (دعوة تستهدف فوق هذا اتخاذ لبنان قاعدة فكرية وثقافية وحضارية تنطلق منه حركة التغريب الواسعة) (¬3).
¬__________
(¬1) عز الدين الخطيب. . . وآخرون: نظرات في الثقافة الإسلامية: ص: (56)، مرجع (سابق)، ومما ورد عن الفينيقيين في الموسوعة الذهبية: (أنه لم يكن لديهم أي أفكار عن نظم العلوم والفن والحكم، وإنما كانوا تجارًا بسطاء وملاحين إلى أنهم قدموا للحضارة الإنسانية خدمة واحدة بارزة تمثلت في نقلهم حروف الهجاء إلى الإغريق، من أجلها أطلق عليهم مسمى (رسل الحضارة) انظر: مادة: (الفينيقيون من الموسوعة الذهبية): (10/ 1086)، المرجع السابق نفسه.
(¬2) عز الدين الخطيب. . . وآخرون: نظرت في الثقافة الإسلامية: ص: (56)، المرجع السابق نفسه.
(¬3) المرجع السابق نفسه: ص: (56).

الصفحة 468