كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

بغية فصل الترك عن الأمة الإسلامية أولًا؛ حتى إذا أثمرت هذه الدعوة في فصل الأتراك عن المسلمين وارتكاز دولتهم على القومية الطورانية. . . أعقبها بعد ذلك إلغاء الخلافة وفصل الدولة عن الدين، وكان من آثار ذلك أن نشطت الدعوة إلى القومية العربية كرد فعل على عمل الأتراك.
يقول الأستاذ محمد المبارك عن هذه الفكرة: (ولقد أخذت الفكرة القومية أشكالًا وصيغًا مختلفة: فكانت شعورًا طبيعيًا في بداية الأمر لا يتجاوز شعور الإنسان بانتمائه إلى أسرة معينة أو قبيلة أو نسب، وهي في هذه الحدود أمر طبيعي لا يتعارض لا مع الشعور الإنساني، ولا مع الأخلاق، ولا مع العقيدة الدينية، ثم اشتد هذا الشعور في نطاق ظروف معينة بدأت من رد فعل عند العرب تجاه العصبية التركية التي غذاها ملاحدة الأتراك من جماعة (تركيا الفتاة) و (الاتحاد والترقي)، واستمرت واشتدت في عهد الاستعمار الفرنسي والإنكليزي في بعض البلاد العربية، واتخذ هذا الشعور حينئذ شكل مذهب أو خطة سياسية هدفها توحيد البلاد وتحريرها، وكانت هذه الصيغة في الحقيقة تمهيدًا لمرحلة ثالثة خطيرة وهي اتخاذ القومية عند أبناء الشعوب الإسلامية، من عرب وأتراك وأكراد وغيرهم، مبدأ بل فلسفة بل عقيدة بالمعنى الحقيقي لهذه الكلمة) (¬1).
وفي نهاية حديثه عن تيار الفكرة القومية أكد بأن مهمتها: (ليس إقصاء
¬__________
(¬1) المجتمع الإسلامي المعاصر: ص: (115)، مرجع سابق، وانظر: محمد محمود الصواف: المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام: ص: (48)، مرجع سابق، وفي صفحة: (186)، من المرجع نفسه نقل الصواف قولًا لمحمد إقبال عن مجلة رابطة العالم الإسلامي في عددها الصادر في شوال: (1384 هـ - فبراير 1965 م)، ذكر فيه أنه اطلع على مؤلفات لكتاب أوروبيين تدعو للقومية في الشعوب الإسلامية من أجل تحطيم الوحدة الدينية القائمة بين المسلمين. مرجع سابق، وانظر: شكيب أرسلان: حاضر العالم الإسلامي 1/ 342، مرجع سابق.

الصفحة 470