كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

الإسلام بل تفريغ القضية السياسية والاجتماعية بوجه عام من المحتوى الإسلامي وإحلال فلسفة أخرى وعقيدة أخرى محل عقيدته، استبدال رابطة أخرى برابطته لعزل الشعوب الإسلامية بعضها عن بعض عزلًا نهائيًا؛ بحيث تكون صلة بعضها ببعض كصلتها بأي شعب من الشعوب الأخرى التي تدين بالوثنية أو الماركسية أو غيرها التي لم تكن تربطها بها أي رابطة، وبذلك تنسف الجسور التي تصل بين الشعوب الإسلامية، ويلغى ذلك التيار الطويل، وتمحى روابط الثقافة المشتركة ولغة الدين المشترك والقيم الخلقية المشتركة، وتلغى بذلك الأخوة الإسلامية) (¬1).
وإذا تأمل الباحث فيما أنجزه المستشرقون من دراسات في التاريخ والحضارة والدراسات الإسلامية وحاضر العالم الإسلامي فإنه يقف على حقيقة أن هذه الدراسات تهدف -بشكل مباشر وغير مباشر- إلى (إضعاف روح الإخاء الإسلامي بين المسلمين في مختلف أقطارهم عن طريق إحياء القوميات التي كانت لهم قبل الإسلام، وإثارة الخلافات والنعرات بين شعوبهم، وكذلك يفعلون في البلاد الإسلامية، ويجهدون لمنع اجتماع شملها، ووحدوا كلمتها بكل ما في أذهانهم من قدرة على تحريف الحقائق، وتصيد الحوادث الفردية في التاريخ، ليصنعوا منها تاريخيًا جديدًا يدعو إلى ما يريدون من منع الوحدة بين البلاد العربية والإسلامية والتفاهم على الحق والخير بين جماهيرها المؤمنة) (¬2).
يقول (لورنس العرب): (وأخذت أفكر طول الطريق في سوريا. . . وفي الحج، أتساءل: هل تتغلب القومية ذات يوم على النزعة الدينية، وهل
¬__________
(¬1) المجتمع الإسلامي المعاصر: ص 116، (مرجع سابق)، وانظر: عمر فروخ وآخر: التبشير والاستعمار في البلاد العربية: ص 176، 177، (مرجع سابق).
(¬2) عمر عودة الخطيب: لمحات في الثقافة الإسلامية: ص 205، (مرجع سابق).

الصفحة 471