كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

أقوى وأسمى من جميع الأمم. . . وترى من واجبها نشر ثقافتها وحضارتها بين الأمم المختلفة، وترى أن من حقها الطبيعي أن تستفيد من الثروة الطبيعية للدول الأخرى) (¬1). وبعد ذلك يرصد الباحث ما نجم عن هذه النظرة الاستعلائية من تمزق وعداء بين أمم الغرب وشعوبه. . . فيقول: (هذه هي القومية الأوروبية التي انتشى البعض بها فصاح (ألمانيا فوق الجميع)، وصاح البعض الآخر (أمريكا بلد اللَّه) وأعلن البعض الآخر (إيطاليا هي الدين)، ووجه البعض رسالة إلى الدنيا قائلًا: (الحكم حق لبريطانيا)، ويؤمن كل وطني بهذه العقيدة الدينية وهي: (أن بلدي بلدي سواء كان على حق أو على باطل)، هذا هو جنون القومية الذي (حل) بالإنسانية في العالم اليوم، وأعظم خطر يحدق بالحضارة الإنسانية، ويجعل من الإنسان وحشًا ضاريًا أمام الأمم الأخرى إلَّا أمَّته) (¬2).
لقد أدرك بعض المستشرقين أهمية نقل فكرة القوميات إلى شعوب العالم الإسلامي لإضعاف التآخي بينهم وللقضاء على وحدة الأمة الإسلامية، واستشرف ما تؤول إليه هذه الفكرة على الرغم من كونها قد تسبب في بداية الأمر عداء للغرب، غير أنها كفيلة بهدم وحدة الأمة أولًا، ثم يمكن الغرب بعدها أن يتمكن من احتوائها.
وهذا ما أفصح عنه (جيب) حينما تحدث عن المبدأ القومي وأهمية تنميته في شعوب العالم الإسلامي في كل من تركيا ومصر والعراق وإيران وإندونيسيا، وما يمكن أن يترتب عليه عاجلًا وآجلًا فقال: (وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور العداء لأوروبا، ولكن من الممكن
¬__________
(¬1) المرجع السابق نفسه: ص 157.
(¬2) أبو الأعلى المودودي: الأمَّة الإسلاميَّة، وقضية القوميَّة: ص 157، (المرجع السابق نفسه).

الصفحة 474