كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)

لتلك الفرق الضالة على ما فيه من تعارض وتناقض وانحراف، وهذا ما عبر عنه أحد الباحثين بقوله: (ولو استعرضنا اعتبار المستشرقين لمصادر الإسلام: لوجدناهم يعتبرون أن الإسلام في دراسته كما يؤخذ من القرآن والسنة، يؤخذ من تفكير المسلمين في مدارسهم المتنوعة ومذاهبهم المختلفة في تاريخ جماعتهم. ومعنى ذلك: أن لهذا التفكير نفس الحجة التي للقرآن والسنة الصحيحة وهذا التفكير كذلك يصور الإسلام تمامًا، كما يجب أن يصوره القرآن والسنة، فالإسلام والمجتمع الإسلامي سواء، أحدهما يصح أن يكون دليلًا على الآخر، بل يجب أن يكون دليلًا على الآخر) (¬1).
ولو أن اعتبار المستشرقين لمصادر الإسلام اقتصر على المجتمع الإسلامي الذي طبق الإسلام في ضوء القرآن والسنة والمنهج الإسلامي الصحيح لهان الأمر، ولكن اعتبار المستشرقين لمصادر الإسلام يتسع ليشمل الفرق الضالة من باطنية وغلاة الصوفية والشيعة والخوارج وغيرهم، وفي هذا ما يؤكد أن المذاهب الإسلامية في العقيدة والفقه -من وجهة نظر هؤلاء المستشرقين- تعبيرات صادقة عن القرآن والسنة الصحيحة، والإسلام هو مجموع هذه المذاهب، بالإضافة للقرآن والسنة، فلا فرق بين رسالة اللَّه، وصنعة الإنسان في هذه الرسالة، ومنطلق اعتبارهم أن (تفكير المسلمين ومذاهبهم) تساوي في الحجية القرآن والسنة الصحيحة؛ يؤدي إلى: أن تفكير الباطنية والصوفية والملاحدة مثلًا. . . له نفس الحجية التي للقرآن والسنة، ومساوٍ في القيمة لمذاهب أهل السنة ومعتدلي الشيعة. . . وأن أنواع تفسير القرآن الكريم المختلفة من صوفية رمزية، إلى تعليمية باطنية، إلى تفسير بالتأويل، إلى تفسير بالرواية، إلى تفسير بالقصص الإسرائيلي، لها نفس الحجية التي للقرآن) (¬2).
¬__________
(¬1) محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار: ص 214، (مرجع سابق).
(¬2) المرجع السابق نفسه: ص 215.

الصفحة 476