كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

بعض الروايات أنها قالت: (كانت تنزل علينا الآية في عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فنحفظ حلالها وحرامها، وأمرها وزجرها، قبل أن نحفظها) (¬1).
وما ورد عن جندب بن عبد اللَّه وعبد اللَّه بن عمرو وغيرهما أنهم كانوا يقولون: (تعلمنا الإيمان ثُمَّ تعلمنا القرآن فازددنا إيمانًا، وأنتم تتعلمون القرآن ثُمَّ تتعلمون الإيمان) (¬2).
والشاهد من هذا ونحوه مِمَّا تضافر عن كثير من الصحابة، وأصبح منهجًا في التربية والتعليم (¬3): أنَّ الأُمَّة تربت بالقرآن الكريم وصنعت على عينه تعالى وكان قدوتها الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- الذي قال: "أدبني ربي فأحسن تأديبي" (¬4)، وكان تنزلُ القرآن منجمًا في ثلاث وعشرين سنة منذ نزول قول اللَّه تعالى: {اقرأ} وحتى نزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] الآية، وقوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} (¬5) [النصر: 1]، وغيرهما، وما بين ذلك من أمر ونهي، وتحريم وتحليل، ودعوة لمكارم الأخلاق، وزجر عن مرذولاتها، وتنظيم لشؤون المجتمع والأسرة
¬__________
(¬1) أورده ابن عبد ربه في العقد الفريد (قولهم في حملة القرآن): 2/ 103، بتحقيق: مفيد محمد قميحة، طبعة دار الكتب العلمية، 1417 هـ، بيروت، ولم أجد هذا الأثر عند غيره فيما بحثت فيه من المسانيد والمأثورات، ولكنه يتقوى بما ذكر قبله.
(¬2) ابن تيمية: المرجع السابق نفسه: 13/ 403.
(¬3) انظر: عبد اللَّه بن إبراهيم بن عبد اللَّه الوهيبي: التفسير بالأثر والرأي وأشهر كتب التفسير فيهما، (مقال منشور بمجلة البحوث الإسلامية): ص 204 - 206، العدد [7] عن: رجب وشعبان ورمضان وشوال لعام 1403 هـ، الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء. . . الرياض.
(¬4) أخرجه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة [72] آداب الزفاف: ص 3.
(¬5) لمزيد الاطلاع على آخر ما نزل من القرآن الكريم، انظر: الزركشي: البرهان في علوم القرآن: 1/ 209، 210، (مرجع سابق)، وانظر: مناع القطان: مباحث في علوم القرآن: ص 69 - 74، (مرجع سابق).

الصفحة 533