كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)
وكلاهما وحيٌ من عند اللَّه كما بين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله: "ألا إنني أوتيتُ الكتابَ ومثله معه. . . " (¬1).
أمَا وقد ساغ للمستشرقين أن ينسبوا القرآن الكريم إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فلا غرابة أن ينسبوا حديثه إلى غيره من المسلمين، وأن يعملوا ما وسعهم العمل في التشكيك في سنته وسيرته -صلى اللَّه عليه وسلم- لزعزعة مصادر الإسلام والطعن في تميز الأُمَّة الإسلاميَّة.
2 - إنَّ السنّة النبوية تمثل أكبر عائق (لأعداء الإسلام عن تفسير القرآن بالهوى والشهوات فهي التي تحدد تفسيره وتبينه) (¬2)، قال تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، فكانت سنته -صلى اللَّه عليه وسلم- المتمثلة في أقواله وأفعاله وتقريراته للقرآن الكريم بمثابة (تفصيل مجمله، وبيان مشكله، وبسط مختصره) (¬3).
والسنّة شديدة الارتباط بالقرآن الكريم، يقول الشاطبي: (فالقرآن على اختصاره جامع. . وأنت تعلم أنَّ الصلاة، والزكاة، والجهاد، وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها في القرآن، إنَّما بينتها السنّة وكذلك العاديات من الأنكحة والعقود والقصاص والحدود وغيرها) (¬4)، لذلك فإنَّ الذين يحاولون إنكار السنة يريدون إزالة عرقلة السنة بينهم وبين القرآن، وإذا فعلوا ذلك تيسر لهم تأويل القرآن حسب أهوائهم وميولهم (¬5).
3 - إنَّ السنة النبوية اشتملت على نظام شامل للحياة، وحدَّدَت الطريق
¬__________
(¬1) أخرجه أبو داود: سنن أبي داود: 4/ 199، الحديث رقم [4604]، (مرجع سابق).
(¬2) انظر: محمد لقمان السلفي: السنّة حجيتها ومكانتها في الإسلام والرد على منكريها: ص 257، (مرجع سابق).
(¬3) الشاطبي: الموافقات في أصول الشريعة 4/ 9، (مرجع سابق).
(¬4) المرجع السابق نفسه 3/ 274، 275.
(¬5) انظر: محمد أسد: الإسلام على مفترق الطرق: ص 97، ترجمة عمر فروخ، (مرجع سابق).