كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)
الأسانيد التي تطمئن لها القلوب، ثُمَّ قام علماء القرن الثالث بدورهم في رواية السنة وحفظها وكتابتها وتدوينها حتى وصلت إلينا طاهرة نقية) (¬1).
أمَّا الوضع مهما كان كثيرًا وهائلًا؛ فإنه كان معزولًا عن حديث المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- بفضل اللَّه ثُمَّ بسبب جهود علماء الحديث، ونحن لا ننكر أنَّ هناك الكثير من الموضوعات التي نسبت إلى الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- ولم يكن ذلك خافيًا في عصر من العصور على علماء المسلمين (¬2)، فقد طبق علماء الحديث منهجًا نقديًّا شرعيًّا أفاد منه النقد التاريخي، واعترف المنصفون بأن منهج علماء الحديث في نقد الرواة، وبيان حالهم؛ يعد تاجًا على رأس الأُمَّة الإسلاميَّة (¬3).
(ولعلماء الحديث باع طويل في نقد الرواة) (¬4). . قيل ليحيى بن سعيد القطان: (أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند اللَّه -عز وجل-؟ قال: لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إليَّ من أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- خصمي، يقول لي: لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي. . .) (¬5)، وكان ابن المبارك يقول: (بيننا وبين القوم القوائم) (¬6)؛ يعني الإسناد، ويقول:
¬__________
(¬1) محمد محمد أبو زهو: الحديث والمحدثون (أو عناية الأمَّة الإسلاميَّة بالسنّة النبوية): ص 301، 302، (مرجع سابق)، وانظر: محمد أسد: الإسلام على مفترق الطرق، ترجمة: عمر فروخ: ص 96، (مرجع سابق).
(¬2) انظر: زقزوق: الاستشراق. .: ص 102، (مرجع سابق).
(¬3) انظر: المرجع السابق نفسه: ص 102 - 103.
(¬4) المرجع السابق نفسه: ص 103.
(¬5) السيوطي: تحذير الخواص عن أكاذيب القصاص: ص 119، تحقيق: محمد الصباغ، الطبعة الثانية 1394 هـ - 1974 م، عن المكتب الإسلامي - بيروت، وانظر: محمد لقمان السلفي: اهتمام المحدثين. .: ص 66، (مرجع سابق).
(¬6) رواه الإمام مسلم: في مقدمة صحيحه ص 15. . (مرجع سابق).