كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

يستوعب غيرهما من أصناف الخلق؛ لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
قال ابن قيم الجوزية في تفسيرها: (أصح القولين في هذه الآية: أنها على عمومها، وفيها على هذا التقدير وجهان:
أحدهما: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته، أمَّا اتباعه فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. . .) (¬1).
وبعد أن يبين تحت هذا الوجه ما ناله أعداؤه المحاربون من هذه الرحمة، وكذلك المعاهدون قال: (وأمَّا المنافقون: فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيرها، وأمَّا الأمم النائية عنه: فإنَّ اللَّه سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض، أصاب كل العالمين النفع برسالته.
الوجه الثاني: أنَّه رحمة لكل أحد، لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى، والكفار ردوها، فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم، لكن لم يقبلوها، كما يقال: هذا دواء لهذا المرض، فإذا لم يستعمله لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض) (¬2).
ويتسع نطاق العالميَّة في الإسلاميَّة لتشتمل العناية بالعجماوات وقضايا البيئة (¬3)، وجميع مشمولات الكون، والدلائل على ذلك كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ويكفي الإشارة إلى أمرين:
¬__________
(¬1) بدائع التفسير 3/ 198، (مرجع سابق).
(¬2) بدائع التفسير 3/ 198، (مرجع سابق).
(¬3) بدأت العناية بالبيئة تشق طريقها الرسمي الدولي منذُ عام 1962 م، تحت تأثير التلوث البيئي الذي حدث بسبب تدخل الإنسان، وإفساده لخواص البيئة الطبيعية بما أدخله من =

الصفحة 590