كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

دلائل عالمية الإسلام من الكتاب والسنة، ووقائع السيرة النبوية، وأحداث التاريخ الإسلامي
توافرت الأدلة من الكتاب والسُّنَّة على عالميَّة الإسلام ممثلًا في رسالة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وأمته، (وهذا كله معلوم بالاضطرار من دين الإسلام. . . وفي القرآن من دعوة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، ومن دعوة المشركين، وعُبَّاد الأوثان، وجميع الإنس والجن ما لا يحصى إلَّا بكلفة) (¬1)، وكذلك في السنَّة النبويَّة.

أولًا: القرآن الكريم: جاءت في كتاب اللَّه -عز وجل- آيات مستفيضة بصيغ متنوعة، وأساليب عديدة؛ منها:
أ- بوصف رسالته -صلى اللَّه عليه وسلم- والإخبار عنها بأنَّها للناس أو كافَّة للناس؛ كقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79]، وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: 28]، فدلت الآيتان ونحوهما على عالميَّة الرسالة المحمَّدية، وهما من النصوص الصريحة على ذلك، وفي الآية الثانية جاء لفظ (كافَّة) لزيادة الدلالة في العموم، وقد قال بعض المفسرين: (في الكلام تقديم وتأخير؛ أي: وما أرسلناك إلَّا للناس كافة أي عامَّة) (¬2)، وقال آخر: (إلَّا رسالة عامَّة لهم فإنَّها إذا عمتهم كفتهم أن يخرج أحد منهم، أو إلَّا جامعًا لهم في البلاع، فهي حال من الكاف والتاء للمبالغة) (¬3)، ومهما كان تقدير الكلام وإعرابه فإنَّه دالٌّ على العموم والعالمية.
¬__________
(¬1) ابن تيمية: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 1/ 336، 337، (مرجع سابق).
(¬2) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 14/ 300، (مرجع سابق).
(¬3) أبو السعود: إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم: 7/ 133، طبعة دار إحياء التراث. .، بيروت، (بدون تاريخ).

الصفحة 593