كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

ويرد على هذا الزعم من ناحيتين:
الأولى: طبيعة العقيدة الإسلاميَّة وما امتازت به، فهي عقيدة منفكَّة عن رابطة الدم والعنصر، وأي رابطة أخرى غير التقوى، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، وفي الحديث النبوي الشريف جاء قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أيها الناس، إنَّ اللَّه قد أذهب عنكم عُبْيَة (¬1) الجاهليَّة وتعاظمها بآبائها، فالناس رجلان: بر تقي كريم على اللَّه -عز وجل-، وفاجر شقي هين على اللَّه -عز وجل-، والناس بنو آدم، وخلق اللَّه آدم من تراب (¬2)، قال اللَّه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} الآية".
وفي حديث آخر أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- سئل أيَّ الناس أكرم؟ قال: "أكرمهم عند اللَّه أتقاهم" (¬3).
وقد أورد ابن كثير جملة من الروايات التي تبين بجلاء أنَّ رابطة الإسلام هي رابطة التقوى عند تفسيره للآية السالفة وقال: (فجميع الناس
¬__________
= محمد عبد الهادي أبو ريدة، وحسين مؤنس، عن لجنة التأليف والترجمة والنشر، طبعة 1958 م، القاهرة، وانظر: محمد أمين حسن: خصائص الدعوة الإسلاميَّة: ص 200، 201، (مرجع سابق).
(¬1) عُبية: على هذا جاء ضبطها لدى الترمذي، وجاء لدى ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر 3/ 169: (عُيبة)، وقال في معناها: (يعني الكِبْر)، وانظر: ص 486، (البحث نفسه).
(¬2) رواه الترمذي: الجامع الصحيح 5/ 363، الحديث رقم [3270]، وقال عنه الترمذي: (حديث غريب)، (مرجع سابق)، وانظر: ص 486، (البحث نفسه).
(¬3) أخرجه البخاري: صحيح البخاري 4/ 119، 120، كتاب الأنبياء، باب [14]، تحقيق: فؤاد عبد الباقي، (مرجع سابق).

الصفحة 632