كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)
أمَّا إذا أطلقت الأمة على الزمان أو المكان، فإنَّ المقصود بها ظرف الأمة.
رابعًا: الجوانب التي استعمل فيها مدلول (أُمَّة) في القرآن الكريم، ورد لفظ (أُمَّة) في القرآن الكريم ليدل على الجوانب الآتية:
1 - الجانب التكويني باعتبار تعدد أصناف الخلق، من حيث الأصل والنوع والمنشأ والمرجع، ومنه قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (¬1) [الأنعام: 38].
2 - الجانب الاجتماعي، ومنه قوله تعالى: {بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22)} [الزخرف: 22]، والآية بعدها: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: 23]، قال الراغب: (أي على دين مجتمع) (¬2)، وهذا يعطي لفظ (أُمَّة) المحتوى الاجتماعي.
3 - الجانب الديني، ومنه قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92)} [الأنبياء: 92]، قال الطبري في تفسيرها: (يقول تعالى ذكره: إنَّ هذه ملَّتكم مِلَّة واحدة، وأنا ربُّكم أيُّها الناس فاعبدوني دون الآلهة والأوثان، وسائر ما تعبدون من دوني) (¬3).
وقال البغوي في قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ}: (أي: ملتكم ودينكم) {أُمَّةً وَاحِدَةً} أي: دينًا واحدًا وهو الإسلام، فأبطل ما سوى
¬__________
(¬1) وانظر: ما يتعلق بالكوني والشرعي لدى ابن تيمية: الجواب الصحيح: (1/ 154، 155)، (مرجع سابق)، وانظر: فتاواه: (8/ 58 - 62)، (مرجع سابق).
(¬2) الراغب الأصفهاني: مفردات ألفاظ القرآن: ص: (86)، (مرجع سابق).
(¬3) جامع البيان في تأويل القرآن: (9/ 81)، الطبعة الأولى: (1412 هـ)، عن دار الكتب العلمية - بيروت. وانظر: ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (3/ 194)، (مرجع سابق).