كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 1)
الإسلام من الأديان) (¬1)، ففي الآية الكريمة استعمل لفظ (أُمَّة) بمعنى الملة والدين؛ وهذا المعنى يعطيه المضمون الديني.
4 - الجانب التاريخي، ومنه قوله تعالى: {وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19] قال ابن كثير: (ثمَّ أخبر تعالى أن هذا الشرك حادث في الناس كائن بعد أن لم يكن، وأن الناس كلهم كانوا على دين واحد وهو الإسلام) (¬2)، فدلَّ ذلك على أن الناس حينما طبقوا الدين الصحيح -وهو الإسلام- واجتمعوا على العقيدة الصحيحة قبل اختلافهم سموا أمة، وهذا من المنظور التاريخي باعتبار أن ذلك حدث في التاريخ البشري (¬3).
5 - الجانب السياسي، ومنه قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)} [آل عمران: 104]، قال بعض العلماء في تفسير هذه الآية: (لابدَّ من سلطة في الأرض تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والذي يقرر أنَّه لا بُدَّ من
¬__________
(¬1) أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي: معالم التنزيل: (5/ 353)، تحقيق: محمد عبد اللَّه النمر وعثمان جمعة ضميرية وسليمان مسلم الحرش، طبعة: (1409 هـ)، عن دار طيبة - الرياض.
(¬2) ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (2/ 411)، (مرجع سابق)، وانظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (3/ 22)، في تفسير الآية [213]، من سورة البقرة، طبعة دار الكتب العلمية: (1413 هـ - 1993 م)، بيروت.
(¬3) انظر: أقوال المفسرين في ذلك، ومنها:
- ابن جرير الطبري: جامع البيان: (11/ 69)، الطبعة الثالثة: (1398 هـ - 1978 م)، دار المعرفة، بيروت.
- ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: (1/ 250)، (مرجع سابق).
- البغوي: معالم التنزيل: (1/ 243، 244)، (مرجع سابق).
- القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: (3/ 22)، (مرجع سابق).