كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)
بمسماه المحدود في اللغة أو المطلق في عرف الناس وعاداتهم من غير حدٍّ شرعي ولا لغوي، وبهذا يحصل التفقه في الكتاب والسنة. . .) (¬1).
إنَّ هذه الرؤية لشيخ الإسلام إزاء مفاهيم الأُمَّة الإسلامية تؤكد أصالة تلك المفاهيم وارتكازها على الحق، وأثرها في تحقيق تميُّز الأُمَّة، وهذا واضح في قوله: (فالصحابة كانوا يعلمون ما جاء به الرسول. . . وبيان ذلك بقياس صحيح أحق وأحسن بيانًا من مقاييس الكُفَّار؛ كما قال تعالى: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا} [الفرقان: 33]، أخبر سبحانه أنَّ الكفار لا يأتونه بقياس عقلي لباطلهم إلَّا جاءه اللَّه بالحق، وجاءه من البيان والدليل، وضرب المثل بما هو أحسن تفسيرًا وكشفًا وإيضاحًا للحق من قياسهم) (¬2).
أمَّا عن أثر المفاهيم في تميُّز الأُمَّة فيشير إليها بقوله: (ولا ريب أن الألفاظ في المخاطبات تكون بحسب الحاجات كالسلاح في المحاربات، فإذا كان عدو المسلمين -في تحصنهم وتسلحهم- على صفة غير الصفة التي كان عليها فارس والروم: كان جهادهم بحسب ما توجهه الشريعة، التي مبناها على تحري ما هو للَّه أطوع وللعبد أنفع، وهو الأصلح في الدنيا والآخرة) (¬3).
وإذا كانت مفاهيم الأُمَّة الإسلاميَّة تنبثق من عقيدة التوحيد، وتلتزم بشريعة الإسلام وبسنة المصطفى -صلى اللَّه عليه وسلم- وفهم الصحابة والتابعين ومن سار
¬__________
(¬1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 19/ 235، 236، (مرجع سابق)، وانظر: محمد بن عمر بن سالم بازمول: الحقيقة الشرعية في تفسير القرآن العظيم والسنة النبوية: ص 13 - 32، الطبعة الأولى 1415 هـ - 1995 م، عن دار الهجرة. . . الرياض.
(¬2) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 12/ 106، (مرجع سابق).
(¬3) المرجع السابق نفسه: 12/ 107.