كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)
يَشَاءُ} [آل عمران: 179]، وقوله: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [إبراهيم: 11]، وقوله: {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} [الجن: 26 - 27] (¬1).
إنَّ هذا التأصيل لعلم الثقافة الإسلاميَّة ينصب على جانب مصدرها، وأنها جزءٌ من علم النبوة له حقله ومجاله، وقد وجد من الأُمَّة الإسلاميَّة العناية التامَّة عبر تاريخها، وعلى الرغم من ذلك ذهب بعض الباحثين إلى القول بأنَّ (الثقافة مفقودة في أغلب المعاجم الكبرى، وهي تفيد العمل بالسيف، وِحذْقُ الشيء، والفطنة) (¬2)، ويواصل قوله عن تعريف المعاجم لها بأنها (العلوم والمعارف والفنون والآداب التي يطلب الحذق بها) (¬3).
ثُمَّ يستخلص من ذلك أنَّ (التعريفات القديمة تفيد بصفات أخلاقيَّة، والتعريفات الحديثة تفيد باكتساب المعارف العامَّة، مِمَّا لا يحيط بمفهوم الثقافة المجازي الحديث، وما له من صلة بمفاهيم أخرى أساسيَّة) (¬4).
ولتجلية هذا الأمر يتناول البحث هنا ناحيتين:
الناحية الأولى: مفهوم الثقافة؛ هل هي (مصطلح عربي في أصله ومعناه ومبناه؟ أم هو ترجمة لمفهوم أجنبي) (¬5)، وقد تصدى للإجابة على ذلك كثير من علماء الأُمَّة ومفكريها، وأثبتوا بأنَّ (الثقافة): (كلمة عربيَّة
¬__________
(¬1) دلائل النبوة: المقدمة: ص 36، (المرجع السابق نفسه).
(¬2) محمد رشاد الحمزاوي: النظريات المعجميَّة العربيَّة وسبلها في الإحاطة بالفكر العربي (مقال) مدرج في كتاب: (من قضايا اللغة العربيَّة المعاصرة): ص 295، (مرجع سابق).
(¬3) المرجع السابق نفسه: ص 295، وانظر: المعجم الوسيط: مادة (ثقف)، (مرجع سابق).
(¬4) محمد رشاد الحمزاوي: النظريات المعجمية العربيَّة. . .: ص 295، (المرجع السابق نفسه).
(¬5) كمال محمد بشر: الثقافة (حديث إذاعي سجل لاذاعة الرياض في 7/ 4/ 1415 هـ ورقم الشريط 29828)، أفرغه الباحث في أوراق أدرجت في مكتبته: ص 1.