كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

المنصفون- لا تختلف في روحها ومادتها ونظرتها إلى الإسلام، عمَّا كتبه السابقون. . يقول (بيكر) في موسوعة تاريخ (كمبردج) عن العصور الوسطى ما نصه: (نظرت العصور الوسطى إلى القطيعة بين أوروبا المسيحية والشرق الإسلامي من زاوية واحدة، تعبر عن وجهة نظر كنسية؛ استهدفت حجب الحقيقة التاريخية، وإسدال ستار مظلم عليها، وأوضح ما يعبر عن وجهة النظر هذه -التي ما زالت سائدة بين المثقفين اليوم- تلك المعلومة التي ما زالت حيَّة قائمة على الوجه الآتي: خرجت جموع العرب تحت تأثير الحماسة التي بعثها فيهم نبيهم، لينقضوا على الشعوب المسيحيَّة، ويفرضوا عليها الدخول في الإسلام بحد السيف، وهكذا انفرط عقد الحضارة القديمة، وتمزقت أوروبا، وحلت حضارة جديدة تعهدها العرب محل الحضارة المسيحية السابقة، وبذلك وقفت البلاد الشرقية والغربية على طرفي نقيض وجهًا لوجهه). . . .) (¬1).
والحقيقة أنَّ الفتوحات الإسلاميَّة وانتشار الإسلام بالصورة التي حدثت في تاريخ البشرية، وكانت على غير مثال سابق بهرت الغرب في تاريخه القديم والحديث، وكانوا مشدودين إلى ذلك بدوافع وأهداف مختلفة (سبق ذكرها)، وفي هذا السياق توافر عدد كبير من المستشرقين
¬__________
(¬1) سعيد عبد الفتاح عاشور: بحوث في تاريخ الإسلامي وحضارته: ص 19، 20، (مرجع سابق)، ولمزيد الاطلاع على أقوال المستشرقين ونصوصهم في دعوى انتشار الإسلام بالسيف:
انظر: شوقي أبو خليل: الإسقاط في مناهج المستشرقين والمبشرين: ص 147 - 161، الطبعة الأولى 1416 هـ - 1995 م، عن دار الفكر المعاصر - بيروت.
وانظر: عفاف صبرة: المستشرقون ومشكلات الحضارة: ص 80 - 90، (مرجع سابق).
وانظر: محمد فتح اللَّه الزيادي: انتشار الإسلام وموقف المستشرقين منه: ص 127 - 142، (مرجع سابق).

الصفحة 987