كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

ومِمَّا لا ريب فيه أنَّ المناهج التي سلكها هؤلاء المستشرقون في كتاباتهم عن تاريخ الأُمَّة الإسلاميَّة وحضارتها متنوعة من حيث أساليب المعالجة والتناول، ومن حيث المنطلقات والغايات، ومهما يكن الأمر في ذلك فإنَّ القدر المشترك بين تلك الدراسات كما أظهره الباحثون يُمكن أن يلخص في جانبين، هما:
أ- تبدأ الدراسات التاريخية لدى هؤلاء المستشرقين (في كثير من الأحيان بالافتراض التقليدي أن الإسلام يتكون من ألوان مختلفة من التأثيرات الأجنبية التي لو دققت فسوف تفسر. . . ذلك السر الغامض الذي ينسبه الغربيون إلى الإسلام) (¬1).
وهذا ينفي تميُّز الأُمَّة الإسلاميَّة من حيث مقومات تميزها وخصائصه، ويفسر الفتوحات الإسلاميَّة وانتشار الإسلام، (تفسيرًا ماديًّا يُبْنَى على الدوافع الاقتصادية أو الاجتماعية، ويتجاهل الدافع الديني على الرغم كان أهميته وخصوصيته في التاريخ الإسلامي، ولم يسلم من ذلك المعتدلون منهم. . . والقول في الإسلام بما هو (منه) براء، مثل ادعاء بعضهم أن الإسلام، انتشر بعد السيف، وعدم تسامح المسلمين) (¬2).
ب- يحاول هؤلاء المستشرقون ردّ الفتوحات الإسلاميَّة وانتشار الإسلام إضافة إلى ما يزعمونه من (روح الاعتداء التي كانت سمة من
¬__________
= سابق)، وانظر: جواد علي: تاريخ العرب في الإسلام: ص 22 - 35، 38 - 43، (مرجع سابق).
(¬1) محمد بن عبود: منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي 1/ 353، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: مجلة المنهل، العدد السنوي المتخصص لعام 1409 هـ - 1989 م: ص 228، 229، (مرجع سابق).
(¬2) محمد بركات البيلي: الخلفية التاريخية للاستشراق ومنهجه في كتابة التاريخ الإسلامي: ص 140، (مرجع سابق).

الصفحة 989