كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

سمات البدو من الأعراب -على حد تعبيرهم- إلى الانحلال الاجتماعي الذي كانت تعاني منه المجتمعات التي قبلت الإسلام وما كان يسود الجيوش الإسلاميَّة من حالة نفسية، أو العوامل التاريخية التي استمرت تعمل منذ وقت طويل؛ مثل: عواقب الصراع بين الإمبراطوريات الساسانية والبيزنطية، أو عدم الاستقرار الداخلي لمملكة القوط في إسبانية) (¬1).
أمَّا إبراز جانب الدعوة في الإسلام فقد جاء بوضوح شديد في كتاب (الدعوة إلى الإسلام: لسير توماس آرنولد)، وقد أنصف الإسلام في كثير من القضايا التي ناقشها، وأثبت أنَّ الإسلام انتشر بالدعوة، وأن عقيدته (تلتزم التسامح وحريَّة الحياة الدينيَّة لجميع أتباع الديانات الأخرى، أولئك الذين يؤدون الجزية كفاء حمايتهم، وعلى الرغم من أن صفحات التاريخ الإسلامي قد تلوثت بدماء كثير من الاضطهادات القاسية!!، (فقد) ظل الكفار، على وجه الإجمال، ينعمون في ظل الحكم الإسلامي بدرجة من التسامح لم نكن نجد لها مثيلًا في أوروبا حتى عصور حديثة جدًّا، وإن التحويل إلى الإسلام (عن) طريق الإكراه محرم، طبقًا لتعاليم القرآن: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة: 256] , {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: 99، 100] وإن مجرد وجود كثير جدًّا من الفرق والجماعات المسيحية في الأقطار التي ظلت قرونًا في ظل الحكم الإسلامي، لدليل ثابت على ذلك التسامح، الذي نعم به هؤلاء المسيحيون، كما يدل على أنَّ الاضطهادات التي كانوا يَدَّعُون معاناتها
¬__________
(¬1) محمد بن عبود: منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي 1/ 354، (المرجع السابق نفسه)، وانظر: جميل عبد اللَّه محمد المصري: دواعي الفتوحات الإِسلامية ودعاوى المستشرقين: ص 74 - 77، (مرجع سابق).

الصفحة 990