كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

القادياني، وقد ذكر في مؤلفاته بكل صراحة ما يدين به للحكومة الإِنجليزية من الولاء والوفاء، وما قدم لها من خدمة مشكورة، وترجمته: "لقد قضيتُ معظم عمري في تأييد الحكومة الإِنجليزية ونصرتها، وقد ألفت في منع الجهاد ووجوب طاعة أولي الأمر الإِنجليز من الكتب والنشرات ما لو جمع بعضه إلى بعض لملأ خمسين خزانة، وقد نشرت جميع هذه الكتب في البلاد العربيَّة، ومصر، والشام، وكابل". . . . وبقيت طائفة القاديانية في عهد مؤسسها وبعده معتزلة جميع الحركات الوطنيَّة، وحركة التحرير والجلاء في شبه القارة الهندية، واتخذت موقف الصمت إزاء كل ما أصاب العالم الإسلامي من رزايا ونكبات على يد المستعمرين الأوروبيين وعلى رأسهم الإِنجليز، واشتغلت وشغلت الناس بإثارة المجادلات حول موت السيد المسيح وحياته ونزوله، ونبوة ميرزا غلام أحمد ونحو ذلك، مِمَّا لا اتصال له بالحياة العامَّة، وقضايا الأُمَّة الإسلاميَّة) (¬1).
ومِمَّا يؤكد هذا الاتجاه الاستشراقي الذي أظهر جانب الدعوة والتسامح، ومبدأ طاعة ولاة الأمر في الإسلام، في وقت ترزح فيه كثير من أوطان المسلمين تحت نير الاستعمار الغربي، وما يهدف إليه ويعمل عليه من السيطرة على الأُمَّة الإسلاميَّة، والنيل من سيادتها، وتَمَيُّز شخصيتها، ما أورده بعض الكتاب عن رحلة مستشرق فرنسي أعلن إسلامه، ودخل مكة في هيئة معتمر، إبَّان الاستعمار الفرنسي للجزائر، وكان من مقاصده -كما ذكر-: (. . . أن يتحقق من صحة فتوى إطاعة الجزائريين للسلطات الفرنسية) (¬2)، وقد نسب نقل هذه الفتوى إلى المفتي المالكي محمد عابد
¬__________
(¬1) انظرة المرجع السابق نفسه: ص 48، 49، وانظر: ص 568 - 573، (البحث نفسه).
(¬2) جيل جيرفيه - كورتلمان: رحلتي إلى مكة، نقلًا عن: كمال سنو: رحلة إلى مكة عمرها مئة عام، مقال منشور بمجلة (أهلًا وسهلًا): ص 8، تصدر عن إدارة العلاقات =

الصفحة 992