كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

غيرهم في العادات والتقاليد، بدءًا بالآداب العامَّة والأعياد، والشعائر الظاهرة، وانتهاءً بالملابس، والمظاهر العامَّة على صعيد الأفراد والمجتمع، فإنَّ ما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث، وأقوال العلماء، وما درج عليه سلف الأُمَّة الصالح، مستفيض جدًّا، (سبق تناول طرف منه) (¬1)، ولكن المستشرقين دخلوا في هذه الجوانب بأساليب شتى حتى لا تكاد أي جزئية من جزئيات مظاهر حياة المسلمين الاجتماعية، وتقاليدها وعاداتها، وأنماط سلوك المسلمين في أوضاعهم العامَّة والخاصَّة وسائر أحوالهم تخلو من تدخل المستشرقين فيها بالطعن والتشويه والذم والافتراء، وكل ما يتسم في عمومه بالحقد والعداء، وهم لا يفتؤون دائمًا من محاولة توجيه ذلك كله بما يضعف من شأن هذه الأُمَّة، والاستهانة بها، ويذهب تَمَيُّزَها، ومِمَّا لا يخفى أن الاستشراق في مساره العام وفي قمَّة ازدهاره الذي امتد إلى نهاية النصف الأول من القرن العشرين (كان يترجم المؤلفات الإسلاميَّة ليقدمها إلى مفكريه الماديين، و (الإكليروسيين) ممهدًا لهم بها طريق مناقشة تلك المترجمات على ضوء الوقائع الفكرية والدينية والتاريخية التي يعيشونها، (بهدف) النيل منها بمناقشات تبدو في مظهر موضوعي، وكان هذا الاستشراق يكتب في كل المجالات الإسلاميَّة ابتداءً من التوحيد باللَّه، وانتهاء بالملابس والأزياء في الشعوب الإسلاميَّة، ولكنه يحاول في كل ما يكتب أن يدس ويشكك ويشوه، فالثوب العربي، والعباءة العربيَّة هي في نظره من معوقات الحضارة التي لا تساعد على العمل الجاد المضني، والصناعي، والتجاري) (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: ص 197 - 205، (البحث نفسه).
(¬2) انظر: محمد عبد اللَّه مليباري: المستشرقون والدراسات الإِسلامية: ص 49، (مرجع سابق)، وانظر: محمد بن عبود: منهجية الاستشراق في دراسة التاريخ الإسلامي 1/ 347 - 355، (مرجع سابق).

الصفحة 994