كتاب دراسات في تميز الأمة الإسلامية وموقف المستشرقين منه (اسم الجزء: 2)

ثُمَّ إنَّهم من ناحية أخرى يتخذون أسلوب (الاستطالة على التراث الإسلامي، وقيمه الدينية، والعلمية، والأدبية، وذلك بدعوى إعادتها إلى جذور تتصل بتراثهم هم!. .، وبهذه الاستطالة المتجنية على الحقائق، مزق الغرب خوفه من تأثير الفكر الإسلامي عليه، ونال من المقومات الحضارية والدينية والإِسلامية. . . ومن خلال هذه الاستطالة المتجنية التي أضعفت التأثير الإسلامي على القوى الزمنية بدؤوا تأثيرهم على الفكر القومي في الشعوب الإسلاميَّة، ساعدهم على ذلك النمو الظافر الذي حققته الحضارة الحاليَّة في كل المجالات، بعيدًا عن الإطار الروحي والديني وتأثيرهما. .) (¬1).

وكان من نتائج هذه الاستطالة على التراث الإسلامي ما يأتي:
أ- تغير العادات الإسلاميَّة في كثير من الشعوب الإسلاميَّة (وانزواء الحكم بالأحكام الشرعية واستبدالها بأحكام القانون الوضعي، واختفاء الزي الإسلامي الذي كان سائدًا، حتى في بعض الشعوب العربيَّة،. . . ففي شمال إفريقية العربيَّة كادت اللغة العربيَّة أن تندثر لولا اليقظة العربيَّة الأخيرة، كما أن التقاليد الإسلاميَّة على المستوى العام والخاص انحسرت تمامًا في كثير من الأصقاع العربيَّة في الشرق، ففي مصر والشام تفشى السفور كل تفش، والأحكام الشرعية لا تطبق كما يجب في كثير من القضايا، كما أن كثيرًا من المنكرات تمارس علنًا، ويحميها القانون، المهم أن الفكر القومي في الشعوب الإسلاميَّة كان له نصيب من النجاح، ولم يتحقق هذا النجاح إلَّا بعد تلك الاستطالة المتجنية على التراث الإسلامي، التي كان للاستشراق والمستشرقين دور فعال فيها) (¬2).
¬__________
(¬1) انظر: محمد عبد اللَّه مليباري: المرجع السابق نفسه: ص 50.
(¬2) انظر: محمد عبد اللَّه مليباري: المستشرقون والدراسات الإِسلامية: ص 49 - 51، (المرجع السابق نفسه).

الصفحة 995