كتاب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - «وأظلمت المدينة»
وَسَلَّمَ - فِي كُلِّ آفَاقِ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ بِعِزِّ عَزِيزٍ، أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ.
يَا سَيِّدَ الْعُبَّادِ؛ قَدْ بَزَغَ الْهِلَالُ، نَفَرَتْ رَكَائِبُ زَحْفِنَا نَحْوَ الْيَمِينِ وَمِنْ شِمَالٍ، هَذِي الْمَدَائِنُ أَسْلَمَتْ، وَعَفَا الصَّبَا أَثَرَ الضَّلَالِ.
لَمْ يَمُتْ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ تَطِيرُ بِهِمْ أَشْوَاقُهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُنَوَّرَةِ تُنَاجِيهِمْ وَتُحَادِيهِمْ.
هَذِي الْعَوَالِي وَالنَّسَايِمُ مِنْ رُبَى طَيْبَةَ تُهَادِي، تَهْفُو إِلَيْكَ مَعَ الأَصَايِلِ مِنْ مَآذِنِنَا تُنَادِي، تَمْضِي بِنَا أَحْلَامُنَا فِي اللَّيْلِ فِي وَقْتِ السَّحَرِ، نَحْوَ الْمَدِينَةِ رَوْضَةِ الْمُخْتَارِ تُشْرِقُ كَالقَمَرِ.
يَا أَيُّهَا الْعُبَّادُ؛ آهٍ لَوْ أَنَّ أَنْجَشَةً أَتَى، يَحْدُو بِنَا لِلْمُلْتَقَى، لِلْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ يَحْوِينَا، وَيَحْوِي الذِّكْرَيَاتِ، يَا أَيُّهَا الْعُبَّادُ، آهٍ.
يَا سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، يَا سَيِّدَ الشُّهَدَاءِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ، قَدْ أَشْرَقَتْ فِي كُلِّ وَادٍ.
نَادَى الْمُنَادِي مِنْ رُبَى طَيْبَةَ بِلَالُ، وَمَضَتْ رَكَائِبُ زَحْفِنَا مُتَضَمِّخِينَ الْمِسْكَ مِنْ طِيبِ الْفِعَالِ.
سَيّدِي أَبَا الْقَاسِمِ؛ "وَأَظْلَمَتِ الْمَدِينةُ" لَمَّا طَوَاكَ الثَّرَى، فَلَا عَاشَ مَنْ لَمْ يَعِشْ لِرِسَالَتِكَ رِسَالَةِ السَّمَاءِ.
الصفحة 124
128