كتاب التورق المصرفي

معاملات البيع والشراء الفعلي، والتَّمويل وسيلة لإتمام عمليات البيع والشراء، وإنجازها (¬1)، وبالمثال يتَّضح المقال: عقد السلم يحتاج للتمويل حتى يتم؛ لأنَّ البائع لا يملك المسلَّم فيه لإتمام العملية، وليست عنده سيولة نقدية، فيحتاج البائع تمويلًا ليستطيعَ من خلاله أن يعملَ حتى يحقّق رغبة المشتري، فالتَّمويلُ في عقد السلم يكون تابعا وخادمًا لعملية البيع والشراء، ولتتضح الصُّورةُ أكثر نضرب مثالًا آخر:
في عقد الاستصناع يكون صاحبُ العمل مفتقرًا للتمويل -أي: للسيولة النَّقْديّة -لشراء المواد الأولية، والتي من خلالها يستطيع أن يقوم بالعملية الإنتاجية المطلوبة منه، ولولا التَّمويلُ لما تمَّت عملية الاستصناع، فالتَّمويلُ في عقد الاستصناع جاء خادمًا، وتابعًا لعقد الاستصناع.
وبذلك نعرف أن الحاجة للتمويل تنشأ إذا كان أحدُ الطرفين لا يملك العوض اللازم، لإتمام العملية، كالبائع في عقد السلم، فإنَّه لا يملك المسلّم فيه حين التعاقد، وكذلك صاحب العمل في عقد الاستصناع لا يملك ما طلب منه حين التعاقد، ولذلك كان لا بُدَّ من تمويل البائع في عقد السلم، وصاحب العمل في عقد الاستصناع حتى تتمّ كلتا العمليتين.
إذًا نعرف الآن أن فلسفةَ التَّمويل في الإسلام هي: أن التَّمويل لا بُدَّ أن يكون تابعًا وخادمًا للمبادلات الاقتصادية (¬2) حتى تتمَّ تلك المبادلات كعقد السلم، وعقد الاستصناع، يكون التَّمويل فيهما خادمًا للعمليتين حتى تتمّان،
¬__________
(¬1) انظر: التكافؤ الاقتصادي بين الرِّبا والتَّورُّق. سامي السويلم (8). والتَّورُّق المنظم -قراءة نقدية- سامي السويلم (2).
(¬2) انظر: التَّورُّق المنظم -قراءة- نقدية- سامي السويلم (2).

الصفحة 206