كتاب التورق المصرفي

حيلة على العِيْنَة التي هي حيلة على الرِّبا، يقول ابن عابدين: "أن يُدخلا بينهما ثالثًا فيبيع المقرض ثوبه من المستقرض باثني عشر درهمًا، ويسلمه إليه، ثمَّ يبيع المستقرض من الثالث بعشرة، ويسلمه إليه، ثمَّ يبيعه الثالث من صاحبه، وهو المقرض بعشرة، ويسلمه إليه، ويأخذ منه العشرة، ويدفعها للمستقرض، فيحصل للمستقرض عشرة، ولصاحب الثوب عليه اثنا عشرة درهمًا" (¬1).
وكون التَّورُّق المصرفي يحصلُ بين أكثر من طرفين، فإن تلك الأطراف الزائدة على اثنين إنما جيء بهم كحيلةٍ حتى تكون صورة العملية صحيحة شرعًا، بدليل أن السِّلعة في العملية لا تبرحُ مكانها، بل تكون في المخازن، وتجري
عليها العشرات من العمليات، تمامًا كالسِّلعة في بيع العِيْنَة لا تبرح، مكانها ويجري عليها العديد من العُقُود.
وبذلك نعرفُ أن وجودَ الطرف الثالث في بيع العِيْنَة لا يُخْرِجُ المعاملة عن كونها عينة محرمة، فكذلك الأمرُ بالنسبة إلى التَّورُّق المصرفي، فتعدد الأطراف إلى أكثر من اثنين لا يُخْرِجُ العمليةَ عن كونها عينة محرمة، ولذلك يمكنُ أن
نقول: إن التَّورُّق المصرفي عينة ثلاثية محرمة.
الشُّبهة السادسة: أن عملية التَّورُّق المصرفي مستوفية الشروط والأركان، وقد وجد فيها القبض، "فإن التطبيقات المصرفية للتورق تأخذ بالرأي القائل بالقبض الحكمي، أي: انتقال الضمان بمجرد العقد إذا تعينت السِّلعة محل
البيع" (¬2).
ويمكن الجواب عن هذه الشُّبهة بالآتي: لا نسلّم بأن عملية التَّورُّق المصرفي مستوفية الشروط والأركان، بدليل وجود الإشكالات السابق ذكرها في
¬__________
(¬1) حاشية ابن عابدين (5/ 373).
(¬2) التَّورُّق كما تجريه المصارف. محمَّد العلي القريّ (21).

الصفحة 217