كتاب فقه النوازل للأقليات المسلمة (اسم الجزء: 1)

"سئل عنها المشايخ المجتهدون في المذهب ولم يجدوا فيها نصًّا، فأفتوا فيها تخريجًا" (¬1).
والنص المذكور في تعريف ابن عابدين المقصود به فتاوي أبي حنيفة وتلامذته الكبار كمحمد بن الحسن وأبي يوسف ونحوهما.
وقوله: "لم يجدوا فيها نصًّا"، لا يعني عدم وجوده، فقد تسمى النازلة في حق شخص لجهله بحكمها، ألا ترى أنهم يقولون مثلًا: "إذا نزلت بالعامي نازلة وهو في مكان لا يجد من يسأله عن حكمها، أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويتحرى الحق بجهده ومعرفة مثله" (¬2)، وهذا ما سمي عاميًّا إلا لجهله بالنصوص الشرعية، ومسالك أهل العلم في استنباط الأحكام منها.
وتعريف ابن عابدين أشار إلى فحواه ومعناه من المتقدمين الإمام الشافعي -رحمه الله- حيث قال: "فليست تنزل بالمسلمين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها" (¬3)، وكذلك الإمام ابن عبد البر -رحمه الله- (¬4) حين ترجم بابًا في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" فقال: "باب اجتهاد الرأي على الأصول عند عدم النصوص في حين نزول النازلة" (¬5).
¬__________
(¬1) رد المحتار على الدر المختار لشرح تنوير الأبصار، لمحمد أمين بن عمر بن عبد العزيز بن عابدين الدمشقي، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، وعلي محمد عوض، دار عالم الكتب، الرياض، 1423 هـ - 2003 م، (1/ 142).
(¬2) إعلام الموقعين عن رب العالمين، لابن القيم، محمد بن أبي بكر الزرعي، تحقيق: طه عبد الرءوف سعد، دار الجيل، بيروت، 1973 م، (4/ 219).
(¬3) الرسالة، للإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق: أحمد شاكر، دار الكتب العلمية، بيروت، (ص 20).
(¬4) أبو عمر، ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله بن محمد، الأندلسي، القرطبي، المالكي، الإمام الكبير، وحافظ المغرب، صاحب التصانيف الفائقة، منها: التمهيد، والاستذكار، والكافي، ولد سنة 368 هـ، وتوفي سنة 463 هـ. ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض بن موسى بن عياض السبتي، تحقيق: مجموعة من الباحثين، وزارة الأوقاف المغربية، ط 2، 1403 هـ، (8/ 127)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (18/ 153).
(¬5) جامع بيان العلم وفضله، لأبي عمر يوسف بن عبد البر، تحقيق: حسن أبي الأشبال الزهيري، دار ابن الجوزي، الدمام، ط 1، 1414 هـ - 1994 م، (2/ 844).

الصفحة 32